معالم الدين وملاذ المجتهدين - ج ٢

الشيخ حسن بن زين الدين العاملي

معالم الدين وملاذ المجتهدين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن زين الدين العاملي


المحقق: السيد منذر الحكيم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: باقري
الطبعة: ١
ISBN: 964-91559-5-3
الصفحات: ٥٢٠
الجزء ١ الجزء ٢

قال : وينبغي وضع الحجر على موضع طاهر بقرب النجاسة ، لأنّه لو وضعه على النجاسة لأبقى منها شيئا ولنشرها فتعيّن حينئذ الماء. ثمّ إذا انتهى إلى النجاسة أدار الحجر قليلا قليلا حتّى يرفع كلّ جزء منه جزءا من النجاسة ، ولا يمرّه لئلّا تنتقل النجاسة.

ثمّ قال : ولو أمّره ولم ينقل فالأقرب الإجزاء ؛ لأنّ الاقتصار على الحجر رخصة ، وتكليف الإدارة تضييق باب الرخصة (١).

ويحتمل عدمه ؛ لأنّ الجزء الثاني من المحلّ يلقى ما تنجّس من الحجر ، والاستنجاء بالنجس لا يجوز. وهذا الاحتمال ضعيف. وما قرّبه هو المعتمد.

وقال ابن الجنيد في المختصر : إذا أراد أن يستطيب بالثلاثة الأحجار جعل حجرين للصفحتين ، وحجرا للمسربة تدنيه ثم تقلبه.

والمسربة ـ بفتح الراء وضمّها ـ مجرى الحدث من الدبر ، قاله ابن الأثير في النهاية (٢).

ولم نقف في أخبارنا على أثر لهذه الكيفيّة. وما ذكره ابن الجنيد مرويّ من طريق الجمهور. والزيادة التي في كلام العلّامة عليه لا نعرف مأخذها.

واقتصر المحقّق في المعتبر على الحكم بأفضليّة مسح المحلّ كلّه بكلّ حجر (٣). وهو الأجود.

__________________

(١) نهاية الإحكام ١ : ٩٢ ، وتذكرة الفقهاء ١ : ١٣٠.

(٢) النهاية ٢ : ٣٥٧ ، وراجع المصباح المنير : ٢٧٢ ، طبعة دار الهجرة ـ قم.

(٣) المعتبر ١ : ١٣٠.

٤٤١

مسألة [٣٠] :

حكى العلّامة عن بعض العامّة أنّهم شرطوا في الاستجمار أن لا يقوم المتغوّط عن المحلّ ؛ لأنّه بقيامه تنتقل النجاسة من مكان إلى آخر ، وأن تبقى الرطوبة في النجاسة ؛ لأنّ الحجر لا يزيل النجاسة الجامدة. ذكر ذلك في المنتهى. وقال : إنّ الشرط الأوّل جيّد على أصلنا (١). وسكت على الثاني.

والتحقيق : أنّ كلا الشرطين في غير محلّه.

أمّا الأوّل : فلأنّه لا حاجة إليه بعد اشتراط عدم التعدّي ، مع أنّ اقتضاء القيام لانتقال النجاسة ليس على إطلاقه بصحيح.

وأمّا الثاني : فلأنّه بعد اليبوسة إن أمكن زوال العين بالاستجمار أجزأ لتناول الأدلّة له ، وإلّا تعيّن الماء ؛ لتوقّف الإزالة عليه ، لا لليبوسة.

وقال في التذكرة : ينبغي للمستنجي بالحجر أن لا يقوم من موضعه قبله لئلّا يتعدّى المخرج (٢).

وذكر بعض الأصحاب أنّه يستحبّ إعداد أدوات الاستجمار قبل الشروع في قضاء الحاجة. ولا بأس بذلك.

مسألة [٣١] :

قال في المنتهى : الاستجمار إنّما يكون في المعتاد كالغائط. أمّا النادر كالدم فلا بدّ فيه من الماء. وغيرهما عندنا طاهر لا يجب فيه استنجاء بحجر

__________________

(١) منتهى المطلب ١ : ٢٨٤.

(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ١٣٤.

٤٤٢

ولا ماء.

ثمّ حكى عن بعض العامّة القول بأنّ الاستجمار يجري في النادر.

واحتجّ بعد ذلك لما اختاره بأنّ الرخصة إنّما شرّعت مع الكثرة لحصول المشقّة بالاقتصار على الماء. وهذا المعنى منتف في النادر (١).

في هذه الحجّة نظر.

والأولى أن يقال : إنّ الدليل على إجزاء الاستجمار غير متناول للدم فيتمسّك في حكمه بالأدلّة الدالّة على وجوب غسله عن البدن فإنّه من جملة أفراد ملاقاته له.

مسألة [٣٢] :

ويكره الاستنجاء باليمين ، وباليسار وفيها خاتم عليه اسم من أسماء الله أو أسماء أنبيائه أو أحد الأئمّة عليهم‌السلام أو فصّه من أحجار زمزم. قاله الأصحاب.

واحتجّوا لحكم اليمين بما رواه الصدوق في من لا يحضره الفقيه مرسلا عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « الاستنجاء باليمين من الجفاء » (٢).

ولحكم اليسار بما رواه الشيخ عن عمّار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا يمسّ الجنب درهما ودينارا عليه اسم الله ، ولا يستنجي وعليه خاتم فيه اسم الله » (٣). الحديث.

وبأنّه فيه إجلالا لله تعالى وتعظيما فكان مناسبا.

__________________

(١) منتهى المطلب ١ : ٢٨٤.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٧ ، الحديث ٥١.

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٣١ ، الحديث ٨٢.

٤٤٣

وروى الشيخ عن وهب بن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان نقش خاتم أبي « العزّة لله جميعا ». وكان في يساره يستنجي بها. وكان نقش خاتم أمير المؤمنين عليه‌السلام « الملك لله » وكان في يده اليسرى يستنجي بها (١).

قال الشيخ : هذا الخبر محمول على التقيّة ؛ لأنّ راويه وهب بن وهب وهو عامّي متروك العمل بما يختصّ بروايته ولم نقف على خبر يدلّ على الكراهة في غير اسم الله ، فكان حجّتهم في ذلك ملاحظة أمر التعظيم (٢).

وأمّا ما كان فصّه من أحجار زمزم فبه رواية رواها الشيخ بإسناده الصحيح عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن الحسين بن عبد ربّه قال : قلت له : « ما تقول في الفصّ يتّخذ من أحجار زمزم؟ قال : لا بأس به. ولكن إذا أراد الاستنجاء نزعه » (٣).

وروى هذا الحديث الشيخ أبو جعفر الكليني في الكافي أيضا ، لكن وقع في نسخة اختلاف. ففي بعضها بدل زمزم زمرّد (٤). قال في الذكرى : وسمعناه ـ يعني الزمرّد ـ مذاكرة (٥).

وقد اورد على رواية زمزم إشكال حاصله أنّ زمزم من جملة المسجد فلا يجوز أخذ الحصا منه كسائره.

واجيب بأنّ ذلك مستثنى ؛ للنصّ. وبأنّ الحكم مبنيّ على الوقوع ، ولا يلزم

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ : ٣١ ـ ٣٢ ، الحديث ٨٣.

(٢) المصدر.

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٣٥٥ ، الحديث ١٠٥٩.

(٤) الكافي ٣ : ١٧ ، الحديث ٦.

(٥) ذكرى الشيعة : ٢٠.

٤٤٤

من وقوعه جوازه.

واستبعد والدي رحمه‌الله كلا الوجهين لا سيّما الأوّل من حيث إنّ مثل هذا النصّ لا يكفي في معارضة ما وقع الاتّفاق عليه من المنع من أخذ الحصا من المسجد.

قال : ويمكن تقريبه بما يخرج من البئر على وجه الإصلاح فإنّه لا يعدّ جزءا منه ، كالقمامة. وحكى بعد هذا رواية الزمرّد ، ثمّ قال : وهو الأنسب (١). ولعلّ الأوّل تصحيف. والتقريب الذي ذكره متوجّه فالتصحيف في كلّ منهما محتمل.

والزمرّد بالضمات وشدّ الراء : الزبرجد معرّب. قاله في القاموس (٢).

تذنيب :

استثنى بعض الأصحاب من كراهة الاستنجاء باليمين ما إذا دعت إلى ذلك ضرورة كمرض اليسار.

وذكر الصدوق في من لا يحضره الفقيه : أنّ به رواية (٣).

وقال بعض الأصحاب : أنّه يكره الاستجمار باليمين أيضا.

واحتجّ له بأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كانت يمناه لطهوره وطعامه ، ويسراه لخلائه ، وما كان من أذى.

__________________

(١) لم أعثر على مصدره.

(٢) تاج العروس في شرح القاموس ٢ : ٣٦٤.

(٣) من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٧.

٤٤٥

مسألة [٣٣] :

وذكر بعض أصحابنا أنّه يستحبّ أن يدعو حال الاستنجاء فيقول : « اللهم حصّن فرجي واستر عورتي وحرّمهما على النار ووفّقني لما يقرّبني منك يا ذا الجلال والإكرام ».

وقال الشيخان في المقنعة والنهاية : إذا فرغ من الاستنجاء قام من موضعه ومسح بيده اليمنى بطنه ، وقال : « الحمد لله الذي أماط عنّي الأذى وهنّأني طعامي وعافاني من البلوى » (١).

ولا نعرف للحكمين مستندا.

نعم روى في الكافي بإسناد ضعيف جدّا أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام استنجى فقال : « اللهم حصّن فرجي واعفه واستر عورتي وحرّمها على النار ».

وروى ذلك أيضا الصدوق في من لا يحضره الفقيه مرسلا (٢).

وروى الشيخ عن أبي بصير عن أحدهما عليهما‌السلام قال : إذا دخلت الغائط فقل : أعوذ بالله .. إلى أن قال : وإذا فرغت فقل : « الحمد لله الذي عافاني من البلاء وأماط عنّي الأذى » (٣).

__________________

(١) المقنعة : ٤٠ ، والنهاية ونكتها ١ : ٢١٦.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٩.

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٣٥١ ، الحديث ١٠٣٨.

٤٤٦

مسألة [٣٤] :

ويستحبّ أن يدعو إذا خرج من الخلا بما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن ميمون القدّاح عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن آبائه عن عليّ عليه‌السلام : أنّه كان إذا خرج من الخلا قال : الحمد لله الذي رزقني لذّته وأبقى قوّته في جسدي ، وأخرج عنّي أذاه يا لها من نعمة » ثلاثا (١).

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ : ٣٥١ ، الحديث ١٠٣٩.

٤٤٧
٤٤٨

النظر الثاني

في

آداب الحمّام

روى الشيخ عن عيسى بن عبد الله الهاشمي عن جدّه عن عليّ عليه‌السلام قال : دخل عليّ وعمر الحمّام فقال عمر : بئس البيت الحمّام يكثر فيه العنا ويقلّ فيه الحيا ، فقال عليّ عليه‌السلام : « نعم البيت الحمّام يذهب الأذى ويذكّر بالنار » (١).

وروى الصدوق في من لا يحضره الفقيه مرسلا عنه عليه‌السلام أنّه قال : نعم البيت الحمّام يذكر فيه النار ويذهب بالدرن (٢). قال : وقال عليه‌السلام : بئس البيت الحمّام يهتك الستر ويبدي العورة ونعم البيت الحمّام يذكّر حرّ النار (٣).

وحمل الشهيد في الذكرى ما ورد من الذمّ على حال الدخول بغير مئزر (٤). وفيه بعد.

والأقرب ترجيح المدح بما رواه في الكافي عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : نعم البيت الحمّام يذكّر النار ويذهب الدرن. وقال

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ : ٣٧٧ ، الحديث ١١٦٦.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١ : ١١٥ ، الحديث ٢٣٧.

(٣) في « ب » : وعن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : بئس البيت ..

(٤) ذكرى الشيعة : ١٨.

٤٤٩

عمر : بئس البيت الحمّام يبدي العورة ويهتك الستر. قال : فنسب الناس قول عمر إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقول أمير المؤمنين إلى عمر » (١).

فصل :

وروى الشيخ أبو جعفر الكليني عن سليمان بن جعفر الجعفري في الصحيح قال : مرضت حتّى ذهب لحمي فدخلت على الرضا عليه‌السلام فقال : « أيسرّك أن يعود لحمك إليك؟ قلت : بلى. قال : الزم الحمّام غبّا (٢) فإنّه يعود إليك لحمك. وإيّاك أن تدمنه فإنّ إدمانه يورث السلّ » (٣). ورواه الشيخ في التهذيب بطريق آخر عن سليمان (٤).

وروى الكليني أيضا في الصحيح عن عليّ بن الحكم عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : الحمّام يوم ويوم [ لا ] ، يكثر اللحم ، وإدمانه يذهب شحم الكليتين (٥).

وروى عن سليمان أيضا قال : من أراد أن يحمل لحما فليدخل الحمّام يوما ويغب يوما. ومن أراد أن يضمر (٦) وكان كثير اللحم فليدخل كلّ يوم (٧).

وروى الصدوق في من لا يحضره الفقيه مرسلا عن الكاظم عليه‌السلام أنّه قال :

__________________

(١) الكافي ٦ : ٤٩٦ ، الحديث ١.

(٢) غبّا : يوما بعد يوم. راجع المصباح المنير : ٤٤٢.

(٣) الكافي ٦ : ٤٩٧ ، الحديث ٤.

(٤) تهذيب الأحكام ١ : ٣٧٧ ، الحديث ١١٦٢.

(٥) في « أ » : وإدمانه يذيب شحم الكليتين. الكافي ٦ : ٤٩٦ ، الحديث ٢.

(٦) ضمر الفرس ضمورا : دقّ وقلّ لحمه. المصباح المنير : ٣٦٤.

(٧) الكافي ٦ : ٤٩٩ ، الحديث ١١.

٤٥٠

الحمّام يوم ويوم [ لا ] يكثر اللحم ، وإدمانه يذهب شحم الكليتين (١).

وعن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : استحمّوا يوم الأربعاء (٢).

فصل :

وروى الكليني عن رفاعة في الحسن عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمّام (٣).

وعن سماعة في الموثّق عنه عليه‌السلام قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يرسل حليلته إلى الحمّام (٤).

وروى الصدوق في من لا يحضره الفقيه مرسلا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبعث بحليلته إلى الحمّام (٥).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : من أطاع امرأته كبّه الله على منخره في النار. قيل : وما تلك الطاعة؟ قال : تدعوه إلى النياحات والعرسات والحمّامات والثياب الرقاق فيجيبها (٦).

وجعل الشهيد في الذكرى هذا الحكم مختصّا بحالة اجتماعهنّ ، فمع الانفراد لا بأس (٧). وليس ببعيد.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ١١٧ ، الحديث ٢٤٧.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١ : ١٣١ ، الحديث ٣٤٢.

(٣) الكافي ٦ : ٥٠٢ ، الحديث ٢٩.

(٤) الكافي ٦ : ٥٠٢ ، الحديث ٣٠.

(٥) من لا يحضره الفقيه ١ : ١١٥ ، الحديث ٢٤٠.

(٦) من لا يحضره الفقيه ١ : ١١٥ ، الحديث ٢٤١.

(٧) ذكرى الشيعة : ١٨.

٤٥١

واستثنى من الكراهة مع الاجتماع حال الضرورة وهو حسن. وذكر أنّ الاتّزار عند الاجتماع يحقّق الكراهة وأنّ ذلك مرويّ عن عليّ عليه‌السلام ولم أقف على الرواية. ولكنّ الاعتبار يشهد له.

فصل :

ويجب على الداخل إلى الحمّام ستر عورته مع وجود الناظر المحترم ، لما مرّ في الخلوة (١).

ويؤيّده ما رواه الكليني عن رفاعة بن موسى في الحسن عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمّام إلّا بمئزر (٢).

وروى في الصحيح عن عليّ بن الحكم عن أبان بن عثمان عن ابن أبي يعفور قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أيتجرّد الرجل عند صبّ الماء ترى عورته؟ أو يصبّ عليه الماء ، أو يرى هو عورة الناس؟ قال : كان أبي يكره ذلك من كلّ أحد (٣).

وروى الصدوق عن عبيد الله بن عليّ الحلبي (٤) في الصحيح قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يغتسل بغير إزار حيث لا يراه أحد؟ فقال : لا بأس (٥).

__________________

(١) في « ب » : كما مرّ في الخلوة. راجع الصفحة : ٨٢١.

(٢) الكافي ٦ : ٤٩٧ ، الحديث ٣.

(٣) الكافي ٦ : ٥٠١ ، الحديث ٢٨.

(٤) في « أ » : عبد الله بن عليّ الحلبي. وفي « ب » : أبي عبد الله بن علي الحلبي.

(٥) من لا يحضره الفقيه ١ : ٨٤ ، الحديث ١٨٣.

٤٥٢

وروى محمّد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما‌السلام قال : سألته عن ماء الحمّام فقال : ادخله بإزار (١). الحديث.

وروى الشيخ عن حمزة بن أحمد عن أبي الحسن الأوّل عليه‌السلام قال : سألته أو سأله غيري عن الحمّام ، فقال : ادخله بمئزر وغضّ بصرك (٢). الحديث.

وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : إذا تعرّى أحدكم نظر إليه الشيطان فطمع فيه فاستتروا (٣).

وعن مسمع عنه عليه‌السلام عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : أنّه نهى أن يدخل الرجل الماء إلّا بمئزر (٤).

وعن حمّاد بن عيسى عن جعفر عن أبيه عن علي عليه‌السلام قال : قيل له :

إنّ سعيد بن عبد الملك يدخل مع جواريه الحمّام ، قال : وما بأس إذا كان عليه وعليهنّ الإزار لا يكونون عراة كالحمير ينظر بعضهم إلى سوأة بعض (٥).

وروى الشيخان في الكافي ومن لا يحضره الفقيه بإسنادين صحيح وحسن ، عن حنّان بن سدير عن أبيه قال : دخلت أنا وأبي وجدّي وعمّي حمّاما بالمدينة فإذا رجل في بيت المسلخ فقال لنا : ممّن القوم؟ فقلنا من أهل العراق. فقال : وأيّ العراق؟ فقلنا : كوفيّون. فقال : مرحبا بكم يا أهل الكوفة أنتم الشعار

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ : ٣٧٩ ، الحديث ١١٧٥.

(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٣٧٣ ، الحديث ١١٤٢.

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٣٧٣ ، الحديث ١١٤٤.

(٤) تهذيب الأحكام ١ : ٣٧٣ ، الحديث ١١٤٥.

(٥) تهذيب الأحكام ١ : ٣٧٤ ، الحديث ١١٤٦.

٤٥٣

دون الدثار. ثمّ قال : ما يمنعكم من الأزر (١)؟ فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : عورة المؤمن على المؤمن حرام.

قال : فبعث أبي إلى كرباسة فشقّها بأربعة قال : ثمّ أخذ كلّ واحد منّا واحدا ثمّ دخلنا فيها فلمّا كنّا في البيت الحارّ صمد لجدّي فقال :

يا كهل ما منعك من الخضاب؟ فقال له جدّي : أدركت من هو خير منّي ومنك لا يختضب. قال : فغضب لذلك حتّى عرفنا غضبه في الحمّام. قال :

ومن ذلك الذي هو خير منّي؟ فقال : أدركت عليّ بن أبي طالب وهو لا يختضب. قال : فنكس رأسه وتصابّ عرقا ، فقال : صدقت. ثمّ قال :

يا كهل إن تختضب فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد خضّب وهو خير من عليّ ، وإن تترك فلك بعليّ سنّة. قال : فلمّا خرجنا من الحمّام سألنا عن الرجل فإذا هو عليّ بن الحسين ، ومعه ابنه محمّد بن عليّ صلوات الله عليهم (٢).

فصل :

قال في من لا يحضره الفقيه : روي عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : إنّما كره النظر إلى عورة المسلم ، فأمّا النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة حمار (٣).

وهذه الرواية التي أشار إليها مرويّة في الكافي بإسناد حسن عن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : النظر إلى عورة من ليس

__________________

(١) في « ج » : من الإزار.

(٢) الكافي ٦ : ٤٩٧ ، الحديث ٨ ، ومن لا يحضره الفقيه ١ : ١١٨ ، الحديث ٢٥٢.

(٣) من لا يحضره الفقيه ١ : ١١٤ ، الحديث ٢٣٦.

٤٥٤

بمسلم مثل نظرك إلى عورة الحمار (١).

وظاهر الشهيد في الذكرى أنّه لا خلاف في وجوب غضّ البصر عن عورة الكافر حيث قال : يجب ستر الفرج وغضّ البصر ولو عن عورة الكافر ، ثمّ قال : وفيه خبر عن الصادق عليه‌السلام بالجواز (٢). ولم يزد على هذا.

وأنت خبير بأنّ إيراد الخبر في من لا يحضره الفقيه يدلّ على أنّ مصنّفه يعمل به كما نبّهنا عليه مرارا ، فيكون القائل بجواز النظر إلى عورة الكافر موجودا.

ورواية الكافي وإن لم تكن صحيحة السند فالأصل يعضدها. والخبر الذي سبق الاحتجاج به لتحريم النظر إلى العورة في بحث الخلوة مخصوص بعورة المسلم.

فصل :

قال في الذكرى : يكره دخول الولد مع أبيه الحمّام (٣).

وقال في من لا يحضره الفقيه : من الأدب أن لا يدخل الرجل ولده معه الحمّام فنظر إلى عورته (٤).

وروى في الكافي عن سهل بن زياد رفعه ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام لا يدخل الرجل مع ابنه الحمّام فينظر إلى عورته (٥).

__________________

(١) الكافي ٦ : ٥٠١ ، الحديث ٢٧.

(٢) ذكرى الشيعة : ١٨.

(٣) ذكرى الشيعة : ١٩.

(٤) من لا يحضره الفقيه ١ : ١١٥.

(٥) الكافي ٦ : ٥٠١.

٤٥٥

وعن محمّد بن جعفر عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يدخل الرجل مع ابنه الحمّام فينظر إلى عورته (١). الحديث.

وقد تضمّنت رواية حنّان بن سدير السابقة دخول عليّ بن الحسين ومعه ولده محمّد بن عليّ عليهم‌السلام وهو يعطي نفي الكراهة. وجعله الصدوق خاصّا بالإمام ، فقال بعد إيراده للخبر : « إنّ فيه إطلاقا للإمام أن يدخل ولده معه الحمّام دون من ليس بإمام ؛ وذلك أنّ الإمام معصوم في صغره وكبره ولا يقع منه النظر إلى عورة في حمّام ولا غيره » (٢).

واقتفى أثره في هذا الكلام الشهيد في الذكرى (٣) وله وجه ، غير أنّ الكراهة لم يثبت عمومها ؛ إذ لم نقف في هذا الباب على روايتي سهل بن زياد ومحمد ابن جعفر والطريق فيهما ضعيف جدّا ، وظاهرهما الاختصاص بحالة عدم الأمن من رؤيته لعورة الأب ، فيمكن جعل ذلك طريقا للجمع لو تحقّق التعارض إلّا ما ذكره الجماعة.

فصل :

وروى الشيخ أبو جعفر الكليني عن أحمد بن محمّد عن عليّ بن الحكم عن المثنّى بن الوليد الخيّاط (٤) عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا تدخل الحمّام إلّا وفي جوفك شي‌ء يطفي عنك وهج المعدة وهو أقوى

__________________

(١) الكافي ٦ : ٥٠٣ ، الحديث ٣٦.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١ : ١١٩.

(٣) ذكرى الشيعة : ١٩.

(٤) في « ب » : الحنّاط.

٤٥٦

للبدن ولا تدخله وأنت ممتلئ من الطعام » (١).

وبالإسناد عن عليّ بن الحكم عن رفاعة بن موسى عمّن أخبره عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه كان إذا أراد دخول الحمّام تناول شيئا فأكله. قال : قلت له : « إنّ الناس عندنا يقولون إنّه على الريق أجود ما يكون ، قال : لا ، بل يؤكل شي‌ء قبله فيطفي ، المرار ويسكن حرارة الجوف » (٢).

وروى في من لا يحضره الفقيه مرسلا عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام أنّه قال : لا تدخلوا الحمّام على الريق ، لا تدخلوه حتّى تطعموا شيئا (٣).

فصل :

وروى في الكافي عن أبي بصير قال : دخل أبو عبد الله عليه‌السلام الحمّام فقال له صاحب الحمّام : اخلّيه لك؟ فقال : « لا حاجة لي في ذلك. المؤمن أخفّ من ذلك » (٤).

وروى في من لا يحضره الفقيه مرسلا عنه عليه‌السلام أنّه دخل الحمّام فقال له صاحبه : نخلّيه لك؟ فقال : « لا ، إنّ المؤمن خفيف المئونة » (٥).

وروى عن محمّد بن حمران بإسناد يقوى أنّ فيه تصحيفا ، ولولاه لكان صحيحا. قال : قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما‌السلام : « إذ دخلت الحمّام فقل في الوقت الذي تنزع فيه ثيابك : اللهم انزع عنّي ربقة النفاق ، وثبّتني على الإيمان ».

__________________

(١) الكافي ٦ : ٤٩٧ ، الحديث ٥.

(٢) في « ب » : فيطفي المرارة. الكافي ٦ : ٤٩٧ ، الحديث ٦.

(٣) من لا يحضره الفقيه ١ : ١١٦ ، الحديث ٢٤٥.

(٤) الكافي ٦ : ٥٠٣ ، الحديث ٣٧.

(٥) من لا يحضره الفقيه ١ : ١١٧ ، الحديث ٢٤٩.

٤٥٧

« وإذا دخلت البيت الأوّل فقل : اللهم إنّي أعوذ بك من شرّ نفسي وأستعيذ بك من أذاه ».

« وإذا دخلت البيت الثاني فقل : اللهم أذهب عنّي الرجس النجس وطهّر جسدي وقلبي ».

وخذ من الماء الحار ، وضعه على هامتك ، وصبّ منه على رجليك. وإن أمكن أن تبلع منه جرعة فافعل فإنّه ينقّي المثانة. والبث في البيت الثاني ساعة.

« وإذا دخلت البيت الثالث فقل : نعوذ بالله من النار ونسأله الجنّة ، تردّدها إلى وقت خروجك من البيت الحارّ ».

« وإيّاك وشرب الماء البارد والفقّاع في الحمّام فإنّه يفسد المعدة. ولا تصبّن عليك الماء البارد فإنّه يضعف البدن ».

« وصبّ الماء البارد على قدميك إذا خرجت فإنّه يسلّ الداء من جسدك ».

« فإذا لبست ثيابك فقل : اللهم ألبسني التقوى وجنّبني الردى. فإذا فعلت ذلك أمنت من كلّ الأذى » (١).

فصل :

وروى الكليني في الصحيح عن محمّد بن أبي حمزة (٢) عن عليّ ابن يقطين قال : « قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : أقرأ القرآن في الحمّام وأنكح؟ قال : لا بأس » (٣).

وفي الحسن عن محمّد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر عليه‌السلام : أكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه ينهى عن قراءة القرآن في الحمّام؟ فقال : لا ، إنّما نهى

__________________

(١) في نسخة « ب » وفي من لا يحضره الفقيه ١ : ١١٢ ـ ١١٤ : « أمنت من كلّ داء ».

(٢) في « ب » : عن ابن أبي عمير عن علي بن يقطين.

(٣) الكافي ٦ : ٥٠٢ ، الحديث ٣١.

٤٥٨

أن يقرأ الرجل وهو عريان فأمّا إذا كان عليه إزار فلا بأس » (١).

وعن الحلبي في الحسن أيضا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس للرجل أن يقرأ القرآن في الحمّام إذا كان يريد به وجه الله ولا يريد ينظر كيف صوته » (٢).

وروى الشيخ في التهذيب عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع في الصحيح عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : « سألته عن الرجل يقرأ في الحمّام وينكح فيه؟ قال : لا بأس به » (٣).

وفي الصحيح عن الحسن بن عليّ بن يقطين عن أخيه الحسين عن أبيه علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : « سألته عن الرجل يقرأ في الحمّام وينكح فيه؟ قال : لا بأس به » (٤).

وروى عن أبي بصير قال : « سألته عن القراءة في الحمّام؟ فقال : إذا كان عليك إزار فاقرأ القرآن إن شئت كلّه » (٥).

وروى الصدوق في من لا يحضره الفقيه عن عبد الرحمن بن مسلم المعروف بسعدان أنّه قال : « كنت في الحمّام في البيت الأوسط فدخل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام وعليه إزار فوق النورة ، فقال : السلام عليكم ، فرددت عليه‌السلام. ودخلت البيت الذي فيه الحوض فاغتسلت

__________________

(١) الكافي ٦ : ٥٠٢ ، الحديث ٣٢.

(٢) الكافي ٦ : ٥٠٢ ، الحديث ٣٣.

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٣٧١ ، الحديث ١١٥.

(٤) تهذيب الأحكام ١ : ٣٧٥ ، الحديث ١١٥٥.

(٥) تهذيب الأحكام ١ : ٣٧٧ ، الحديث ١١٦٥.

٤٥٩

وخرجت » (١).

قال الصدوق رحمه‌الله : في هذا إطلاق في التسليم في الحمّام لمن عليه مئزر ، والنهي الوارد عن التسليم فيه هو لمن لا مئزر عليه (٢).

ولم نقف على رواية النهي التي أشار إليها.

فصل :

وروى الصدوق في العلل عن عبد الله بن أبي يعفور في الموثّق عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إيّاك والاضطجاع في الحمّام فإنّه يذيب (٣) شحم الكليتين. وإيّاك والاستلقاء على القفا في الحمّام فإنّه يورث داء الدبيلة (٤). وإيّاك والتمشّط في الحمّام فإنّه يورث وباء الشعر. وإيّاك والسواك في الحمّام فإنّه يورث وباء الأسنان. وإيّاك أن تغسل رأسك بالطين فإنّه يسمّج الوجه. وإيّاك أن تدلك رأسك ووجهك بمئزر فإنّه يذهب بماء الوجه. وإيّاك أن تدلك تحت قدمك بالخزف فإنّه يورث البرص » (٥).

قال الصدوق رحمه‌الله رويت في خبر آخر : إنّ هذا الطين هو طين مصر وإنّ هذا الخزف هو خزف الشام (٦).

وروى في من لا يحضره الفقيه عن الصادق عليه‌السلام مرسلا أنّه قال : « لا تتّك

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ١١٨ ، الحديث ٢٥١.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١ : ١١٨.

(٣) في « ب » : يذهب شحم الكليتين.

(٤) في « ب » : يورث داء الوبيلة.

(٥) علل الشرائع : ٢٩٢.

(٦) من لا يحضره الفقيه ١ : ١١٦ ، ذيل الحديث ٢٤٣.

٤٦٠