الكافي - المقدمة

الكافي - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : الحديث وعلومه
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٢٢

المحدّثين ، حجّة الفقه والعلم والحقّ واليقين ، أبي جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني رفع الله درجته في الصدّيقين ، وألحقه بنبيّه وأئمّته الطاهرين (١).

١٢ ـ صدر المتألّهين محمّد بن إبراهيم الشيرازي ( م ١٠٥٠ هـ ) قال في شرح اصول الكافي : « أمين الإسلام ، وثقة الأنام ، الشيخ العالم الكامل ، والمجتهد البارع ، الفاضل محمّد بن يعقوب الكليني ، أعلى الله قدره ، وأنار في سماء العلم بدره » (٢).

١٣ ـ العلاّمة المجلسي ( م ١١١١ هـ ) قال في مرآة العقول :

وابتدأت بكتاب الكافي للشيخ الصدوق ، ثقة الإسلام ، مقبول طوائف الأنام ، ممدوح الخاص والعام ، محمّد بن يعقوب الكليني ، حشره الله مع الأئمّة الكرام ؛ لأنّه كان أضبط الاصول وأجمعها ، وأحسن مؤلّفات الفرقة الناجية وأعظمها (٣).

١٤ ـ السيّد بحر العلوم ( م ١٢١٢ هـ ) قال :

محمّد بن يعقوب بن إسحاق ، أبو جعفر الكليني ، ثقة الإسلام ، وشيخ المشايخ الأعلام ، ومروّج المذهب في غيبة الإمام عليه‌السلام ذكره أصحابنا والمخالفون ، واتّفقوا على فضله ، وعظم منزلته (٤).

١٥ ـ السيّد محمّد باقر الخوانساري ( م ١٣١٣ هـ ) قال ـ بعد بيان مَن مدحه من علماء العامّة ـ :

وبالجملة ، فشأن الرجل أجلّ وأعظم من أن يختفي على أعيان الفريقين ، أو يكتسي ثوب الإجمال لدى ذي عينين ، أو ينتفي أثر إشراقه يوماً بعد البين ؛ إذ هو في الحقيقة أمين الإسلام ، وفي الطريقة دليل الأعلام ، وفي الشريعة جليل قدّام ، ليس في وثاقته لأحد كلام ، ولا في مكانته عند أئمّة الأنام ، وحسب الدلالة على اختصاصه بمزيد الفضل ، وإتقان الأمر ، إتّفاق الطائفة على كونه أوثق المحمّدين الثلاثة الذين هم أصحاب الكتب الأربعة ، ورؤساء هذه الشرعة المتَّبَعَة (٥).

__________________

(١) الرواشح السماويّة ، ص ٤.

(٢) شرح اصول الكافي لصدر المتألّهين الشيرازي ، ج ١ ، ص ١٦٧.

(٣) مرآة العقول ، ج ١ ، ص ٣.

(٤) الفوائد الرجاليّة ، ج ٣ ، ص ٣٢٥.

(٥) روضات الجنّات ، ج ٦ ، ص ١٠٥ ، الرقم ٥٦٨.

٨١

١٦ ـ المحدّث النوري ( م ١٣٢٠ هـ ) قال في خاتمة المستدرك :

فخر الشيعة ، وتاج الشريعة ، ثقة الإسلام ، وكهف العلماء الأعلام ، أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني ... الرازي ، الشيخ الجليل العظيم ، الكافل لأيتام آل محمّد عليهم‌السلام بكتابه الكافي (١).

١٧ ـ الشيخ عبّاس القمّي ( م ١٣٥٩ هـ ) قال :

الشيخ الأجلّ الأوثق الأثبت ، أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الرازي ، كهف العلماء الأعلام ، ومفتي طوائف الإسلام ، ومروِّج المذهب في غيبة الإمام عليه‌السلام ثقة الإسلام ، صاحب كتاب الكافي (٢).

١٨ ـ الإمام الخميني قدس‌سره ( م ١٤٠٩ هـ ) وصف الكليني رحمه‌الله بأوصاف ، منها :

أفضل المحدّثين ، إمامهم ، ثقة الإسلام والمسلمين ، حجّة الفرقة ، رئيس الامّة ، ركن الإسلام وثقته ، سلطان المحدّثين ، شيخ المحدّثين وأفضلهم ، عماد الإسلام والمسلمين ، فخر الطائفة الحقّة ومقدّمهم (٣).

__________________

(١) خاتمة مستدرك الوسائل ، ج ٣ ، ص ٢٧٢.

(٢) هديّة الأحباب ، ص ٣٠٧.

(٣) الأربعون حديثاً ، ح ٣١ ، ٢١ ، ١٩ ، ٢١ ، ١٧ ، ٢٢ ، ١٥ ، ٢٥ ، ٣٥ ، ١٦.

٨٢

٢. كتاب الكافي‌

٨٣
٨٤

كتاب الكافي ، وهو الكتاب الوحيد الذي وصل إلينا من مؤلّفات ثقة الإسلام ، وهو موسوعة حديثيّة ، فيه إلى جانب ما يلي حاجة الفقيه ، والمحدّث ، دقائق فريدة تتعلّق بشؤون العقيدة ، وتهذيب السلوك ، ومكارم الأخلاق.

وقد رُزق هذا الكتاب فضيلة الشهرة في حياة مؤلّفه ، إذ لا نظير له في بابه ، ولكون الكافي هو المعبّر الوحيد عمّا يمتلكه الكليني من طاقات علمية ، فلابدّ من الحديث المختصر عنه ، لتكتمل من خلاله الصورة الواضحة لشخصية مؤلّفه ، ودوره العظيم في تطوير ودفع الحركة العلمية والفكرية ـ بهذا الكتاب ـ خطوات واسعة إلى الأمام ، فنقول :

إنّ الطريق إلى فهم الدين الحقّ بلا عِلْمٍ محال ، والعلم بلا تعقّل الأشياء سفسطة ، وكلّما ازداد الإنسان علماً ازداد فهمه وتعقّله ، وازدادت معرفته بالله عزّ وجل. وكلّما تنامت معرفته بخالقه عظمت خشيته منه وامتثال أوامره ؛ لأنّ أعلم الناس بأمر الله عزّ وجل أحسنهم عقلاً ، وأكملهم عقلاً أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة. وهذا هو الهدف الأسمى في الوجود كلّه ، ومن هنا جعل الكليني رضي الله تعالى عنه كتاب العقل والجهل بمثابة الطريق الموصل إلى قلعة الكافي.

وبما أنّ قوّة التقليد لا تستمر إلاّبقداسة الماضي في النفوس ، وإذا ما ضعفت تلك القداسة أو انعدمت انهار البناء ؛ لذا صار التقليد ممقوتاً في معرفة حقائق الأشياء ، فكان اللازم فهم تلك الحقائق ببديل موضوعي لا يتغيّر بتغيّر الزمان والمكان وليس هو إلاّ القوّة الدائمة المتواترة التي تعكس قوّة العقيدة وتجذّرها في الأعماق ، الأمر الذي هتفت به مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام بكلّ قوّة وأوصله ثقة الإسلام إلى جميع الامّة بأقصر السبل وأكثرها أماناً من خلال كتابي التوحيد والحجّة من كتب الكافي.

والكافي لم يغرق في ضبابية الأفكار السطحيّة أو التجريبيّة لينفصل بهذا عن الواقع‌

٨٥

الإسلامي ويبتعد عن حياة الناس في جميع عصورهم ، كما نجده في تنظير بعض كتب الحديث لجملة من الأوهام والخرافات التاريخيّة التي لا تمتلك ما يؤهّلها لأن تتصدّر كلّ حوار إسلامي نظير خرافات التجسيم ، والتشبيه ، والحلول ، والاستواء. فضلاً عن أساطير بعض أشراط الساعة كمعجزات الدجّال ، والجسّاسة ، وابن صياد!! ؛ ولهذا انطلقت موسوعة الكافي في عالم الحقيقة الرحب وفضاء الدين الفسيح ، لتوقّفنا على صورة رائعة وقضيّة إسلاميّة في الصميم ما أبعدها عن الخيال الذي يبحث عن موطئ قدم له في عالم الواقع ؛ لأنّها تمثّل من الحياة الإسلامية عصارتها ، ومن الواقع الديني لبّه ، قضيّة تبيّن للناس جميعاً كيفيّة الارتقاء بالنفس إلى الملكوت الأعلى أو الهبوط بها إلى أسفل السافلين ؛ الأمر الذي تصدّى له الكليني بكتاب الإيمان والكفر من كتب الكافي ، وشكّل به تحدّياً لجميع كتب الحديث.

وهكذا يتمّ استكشاف طبيعة الدور الفكري والحضاري الذي لعبته كتب الكافي الاخرى في حركة التاريخ الشيعي بعد عصر الغيبة وإلى اليوم ، ومن خلال تسليط الباحثين الضوء على بقيّتها بدراسات موضوعيّة يُعْلَم واقع ما كان يمتلكه الكليني من قدرة في عمليّة البناء والإبداع والتجديد.

ولعلّ شعور الفقيه والمحدّث والفيلسوف والمتكلّم والباحث والمثقّف الإسلامي بالحاجة الملحّة إلى ما يسعفه ويؤيّد رأيه من الكافي دليلٌ على أنّ روح الكليني لم تزل تحيا مع الجميع وإن مضى الجسد الطاهر في أعماق التاريخ.

ومن هنا عرف العلماء قيمة الكافي بوقت مبكّر ، ويأتي في طليعتهم تلامذة الكليني الذين بذلوا قصارى جهدهم في استنساخ هذا الكتاب ونشره على الملأ الإسلامي ، ويدلّ على ذلك أنّ أوّل من استعان بهذا الكتاب وأشار إليه صراحةً معاصرُ الكليني الشيخ إبراهيم بن سليمان بن وهب ، من آل وهب الشيعة الإماميّة المعروفين ، المتوفّى سنة ( ٣٣٤ هـ ) بعد وفاة الكليني رحمه‌الله بخمس سنين فقط ، إذ استعان بكتاب الكافي في كتابه البرهان في وجوه البيان. (١)

__________________

(١) ذكر هذا الدكتور حسين مدرسي طباطبائي في مجموعة مقالات باللغة الفارسية بعنوان ( مكتب در فرايند تكامل ) ص ١٦ ، هامش ٩١.

٨٦

والمنهج المتّبع في الكافي الشريف لأجل الوصول إلى اصول الشريعة وفروعها وآدابها وأخلاقها ، إنّما هو بالاعتماد على حَمَلَة آثار النبوّة من نقلة حديث الآل عليهم‌السلام ، الذي هو حديث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إذ صرّح أهل البيت عليهم‌السلام مراراً وتكراراً بأنّهم لا يحدّثون الناس إلاّبما هو ثابت عندهم من أحاديث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنّهم كانوا يكنزونها كما يكنز الناس ذهبهم وورقهم ، وأنّها كلّها تنتهي إلى مصدر واحد ، وبإسناد واحد (١) ، لو قرأته ـ كما يقول أحمد بن حنبل ( م / ٢٤٠ هـ ) ـ على مجنون لبرئ من جِنّته (٢).

ومن ثمرات هذا التضييق في رواية السنّة المطهّرة في الكافي ، وحصرها بذلك النمط من حملة الآثار ، أنّك لا تجد بينهم لرجال الشجرة الملعونة وأذنابهم وأنصارهم وزناً ولا اعتباراً ، ولا للخوارج والنواصب ورواتهم ذِكراً ، ولا لمن لم يحفظ النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أهل بيته عليهم‌السلام (٣) عيناً ولا أثراً (٤).

كما لا تجد في أخبار الكافي لمن نافق ممّن تسمّى بالصحابة ولصق بهم خبراً (٥) ، وأمّا عن أخبار المؤمنين منهم ، فهي إمّا أن تمرّ طرقها عبر من تجنّب الكليني رواياتهم ، فلا يروي عنهم ولا كرامة ، وإمّا أنْ تمرّ عبر غيرهم ممّن لا طريق لنا في معرفة درجة وثاقتهم ؛ إذ لم يسلم علماء جرحهم وتعديلهم من الجرح في أنفسهم ، ومن يكن هكذا حاله فلا عبرة في أقواله.

__________________

(١) وردت أحاديث كثيرة بهذا المعنى يمكن أن تكوّن بمجموعها مثالاً جيّداً للتواتر المعنوي ، انظر :

المحاسن ، ص ١٥٦ ، ح ٨٧ ؛ وص ١٨٥ ، ح ١٩٤ ؛ تفسير العيّاشي ، ج ٢ ، ص ٣٣١ ، ح ٤٦ ؛ الكافي ، كتاب فضل العلم ، باب رواية الكتب والحديث ، ح ١٥٦ ؛ وباب الردّ إلى الكتاب والسنّة ... ، ح ١٩٢ ؛ كفاية الأثر ، ص ٣٢٧ ؛ الاحتجاج ، ص ٣٢٧ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ١٠٤ ، ح ٣٣٣٣٠ و ٣٣٣٣١ ؛ وص ١٤٧ ، ح ٣٣٤٤٧.

(٢) الصواعق المحرقة ، ص ٣٠٣.

(٣) ورد في الحديث الشريف : « من حفظني في أهل بيتي فقد اتّخذ عند الله عهداً » الصواعق المحرقة ، ص ١٥٠.

(٤) يدخل في هذا الصنف جميع رواة العامّة الذين عاصروا أهل البيت عليهم‌السلام ، وتعمَّدوا ترك الرواية عنهم عليهم‌السلام.

(٥) كان ابن عبّاس رضى الله عنه يسمّي سورة التوبة بالفاضحة ؛ لأنّها فضحت المنافقين من الصحابةولم تدع أحداً منهم إلاّ أتت عليه ، وسمّاها قتادة بن دعامة التابعي بالمثيرة ؛ لأنّها أثارت مخازيهم ، وسمّاها آخر بالمبعثرة ؛ لأنّها بعثرت أسرارهم. راجع : معالم التنزيل ، ج ٣ ، ص ٣ ؛ التبيان في تفسير القرآن ، ج ٥ ، ص ١٦٧ ؛ مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٧٨ ، وعلى الرغم من هذه الحقائق القرآنية تجد من يقول إلى اليوم باسطورة عدالتهم جميعاً بما في ذلك الوغد المجرم معاوية وزبانيته!!

٨٧

ولو تنزَّلنا عن ذلك وقلنا باعتبارها لوثاقة ناقليها جدلاً ، فالكليني رحمه‌الله في غنىً عن تكلّف إسنادها ، إذ لا يحتاج في وصلها ـ على طبق منهجه وفرض صحّتها ـ أكثر من أن يسندها إلى من حدّث بها من أهل البيت عليهم‌السلام ؛ لثبوت حجّية سنّتهم ، مع كونهم من أحرص الناس في الحفاظ على السنّة النبوية وتدوينها والأمر بكتابتها وحفظها ، هذا فضلاً عن كون الإسناد إلى أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام بعد أصحاب الكساء عليهم‌السلام أعلى من الإسناد إلى الصحابة ، ومن مثل الكليني لا يدع علوّ الإسناد في الرواية عن أهل البيت عليهم‌السلام لأجل زيد أو عمر ، ومن البداهة بمكان أنّه لا يعدل بأهل البيت عليهم‌السلام أحد من الصحابة وإن جلّ ، ولا يوجد فيهم من هو أعلم بما في البيت النبوي الطاهر من أهله المطهّرين ، وفي المثل : أهل البيت أدرى بالذي فيه.

إذن ، نقل السنّة الشريفة على وفق هذا المنهج ، هو من أسدّ النقل وأكثره احتياطاً في الدين ، والتزاماً بحديث الثقلين : كتاب الله ، والعترة.

وهذا المنهج وإن كان هو المنهج العامّ عند محدّثي العترة ، إلاّ أنّ شدّة التزام الكليني به مع ميزات كتابه الاخرى هي التي حملت الشيخ المفيد قدس‌سره على القول : بأنّ الكافي من أجلّ كتب الشيعة وأكثرها فائدة (١) ، كما حملت غيره على الإعجاب بكتاب الكافي والثناء على مؤلّفه (٢).

ومن هنا بذل علماء الشيعة ـ قديماً وحديثاً ـ جهوداً علمية مضنية حول الكافي ، فاستنسخوه كثيراً ، وشرحوا أحاديثه ، وأكثروا من تحشيته وتهميشه ، وبيّنوا مشتركاته ، ووضّحوا مسائله ، واختصروه ، وحقّقوا أسانيده ، ورتّبوا أحاديثه ، وصنّفوها على ضوء المصطلح الجديد ، وترجموه إلى عِدّة لغات ، وطبعوه مرّاتٍ ومرّاتٍ ، ووضعوا الفهارس الفنيّة لأبوابه ، وأحاديثه ، وألفاظه ، بحيث وصلت جهودهم حول الكافي إلى‌

__________________

(١) تصحيح الاعتقاد ، ص ٧٠.

(٢) كما في مرآة العقول ، ج ١ ، ص ٣ ؛ الوافي ، ج ١ ، ص ٦ ؛ رياض العلماء ، ج ٢ ، ص ٢٦١ ؛ لؤلوة البحرين ، ص ٥ ؛ الفوائد الرجالية ، ج ٣ ، ص ٣٣٠ ؛ كشف الحجب ، ص ٤١٨ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ٣ ، ص ٥٣٢ ؛ روضات الجنّات ، ج ٦ ، ص ١١٦ ؛ الكنى والألقاب ، ج ٢ ، ص ٩٨ ؛ سفينة البحار ، ج ٢ ، ص ٤٩٤ ؛ تنقيح المقال ، ج ٣ ، ص ٢٠٢ ؛ الذريعة ، ج ١٧ ، ص ٢٤٥.

٨٨

أكثر من مائتي كتاب ، وبلغ بعضها أكثر من عشرين مجلّداً ، فضلاً عن الدراسات الحديثة حوله.

وهم مع كلّ هذه الجهود لم يقل أحد منهم بوجوب الاعتقاد والعمل بجميع ما بين دفّتيه ، ولا ادعي إجماع على صحّة جميع ما فيه ، كما قيل : إنّه انعقد إجماع العامّة على صحّة البخاري ومسلم. (١)

ولم يُفْتِ أحد من فقهاء الشيعة بشأن الكافي نظير فتيا إمام الحرمين بشأن صحيحي البخاري ومسلم بأنّه : لو حلف إنسان بطلاق امرأته أنّ كلّ ما في البخاري ومسلم هو من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما أُلزِم بالطلاق ولا الحنث بيمينه!! (٢)

ولا كان يقرأ في الشدّة لتفرج ، ولا في المراكب لكي لا تغرق ، ولم يستسق شيعيّ بقراءته الغَمام كما كان يفعل بكتاب البخاري (٣).

ولم ير أحد مناماً بشأن الكافي كمنامات الفربري المضحكة بشأن صحيح البخاري (٤).

ولم يتجرّأ أحد على القول بأنّ كلّ من روى عنه الكليني صار فوق مستوى الشبهات ، كما كان يصرّح أبو الحسن المقدسي بأنّ كلّ من روى عنه البخاري فقد جاز القنطرة ، أي لا يلتفت إلى ما قيل فيه ، وأيّده على ذلك أبو الفتح القشيري (٥).

ولم يُغالِ أحد من شعراء الشيعة بوصف أخبار الكافي ، كما غالى البرهان القيراطي في قصيدته العينية بأخبار البخاري ، وزاد عليه أبو الفتوح إذ يقول :

كأنّ البخاريَّ في جمعه

تلقّى من المصطفى ما اكتتب!!! (٦)

هذا مع أنّ بعض ما اكتتبه البخاري كان من رواية عمران بن حطّان ، وعكرمة ، وإسماعيل بن أبي اويس ، وعاصم بن علي ، وعمرو بن مرزوق ، وسُويد بن سعيد وعشرات من نظائرهم الذين عُرفوا بأسوأ ما يُعرف به الرواة.

__________________

(١) فيض الباري على صحيح البخاري ، ج ١ ، ص ٥٧.

(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ، ج ١ ، ص ١٩.

(٣) إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ، ج ١ ، ص ٢٩.

(٤) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، ج ١ ، ص ٤٩٠.

(٥) المصدر السابق ، ج ١ ، ص ٣٨١.

(٦) إرشاد الساري ، ج ١ ، ص ٣٠.

٨٩

نعم ، لم يقل أحد من الشيعة بنحو هذه الأقوال بشأن الكافي. وإذا كان الأسترآبادي الأخباري رامَ أن يجعل كلّ أحاديث الكافي قطعيّة الصدور بقرائن لم تنهض بمدّعاه ، فقد ردّه محقّقو الشيعة وأثبتوا بطلان هذه الدعوى ، ويكفي أنّ من جملة الرادّين عليه هو خاتمة المحدّثين وشيخ الأخباريين العلاّمة النوري ( م ١٣٢٠ هـ ) (١).

ولم يذهب أحد إلى القول بأنّ الكليني لم يخرّج الحديث إلاّعن الثقة ، عن مثله في سائر الطبقات ، بل غاية ما يُستفاد من كلامهم ، هو أنّ أخبار الكافي مستخرجة من الاصول المعتبرة التي شاع بين قدماء الشيعة الوثوق بها والاعتماد عليها ، إذ كانت مشهورة معلومة النسبة إلى مؤلّفيها الثقات الأثبات.

كما أنّ إعراض الفقهاء عن بعض مرويّات الكافي ، لا يدلّ على عدم صحّتها عندهم ، ولا ينافي كون الكافي من أجلّ كتبهم ، إذ ربّ صحيح لم يُعمل به ؛ لمخالفته المشهور ، وقد يكون وجه الإعراض لدليل آخر وعلّة اخرى لا تقدح بصحّة الخبر.

وإذا ما عدنا إلى معنى « الصحيح » عند متقدّمي الشيعة وعرفنا المصطلح الجديد فيه ، علمنا أنّ الكليني رحمه‌الله لم يَجْرِ في الكافي إلاّعلى متعارف الأقدمين في إطلاق الصحيح على كلّ حديثٍ اعتضد بما يقتضي الاعتماد عليه ، أو اقترنَ بما يوجب الوثوق به والركون إليه. كوجوده في كتب الاصول الأربعمائة ، أو في كتب مشهورة متداولة ، أو لتكرّره في أصل أو أصلين ، أو لوجوده في أصل معروف الانتساب إلى واحد ممّن أجمعوا على تصديقهم والإقرار لهم بالفقه والعلم كزُرارة وأضرابه ، أو كان منقولاً من أحد الكتب التي شاع الاعتماد عليها سواء كانت من كتب الإماميّة ككتاب الصلاة لحريز بن عبدالله السجستاني ، أو من كتب غير الإمامية ككتاب حفص بن غياث القاضي ، وكتاب الحسين ابن عبدالله السعدي ، وكتاب القبلة لعليّ بن الحسن الطاطري (٢).

وعلى أثر فقدان تلك القرائن أو معظمها في عصر السيّد أحمد بن طاووس‌

__________________

(١) خاتمة مستدرك الوسائل ، ج ٣ ، ص ٥٣٣.

(٢) راجع معنى الصحيح عند القدماء في منتقى الجمان ، ج ١ ، ص ١٤ ؛ مشرق الشمسين ، ص ٣ ؛ الفوائد المدنية ، ص ٥٣ ؛ خاتمة وسائل الشيعة ، ج ٣٠ ، ص ٢٤٣ ـ ٢٤٧ ؛ الوافي ، ج ١ ، ص ٢٢ ـ ٢٣ ؛ مقباس الهداية ، ج ١ ، ص ١٣٩ ؛ مستدركات مقباس الهداية ، ج ٥ ، ص ٩٠ ـ ٩٣.

٩٠

( م ٦٧٤ هـ ) ، أظهر التصنيف الجديد للحديث ، ثمّ تطوّر على يد تلميذه العلاّمة الحلّي ( م ٧٢٦ هـ ) ، إذ قسّموا الحديث إلى أقسامه المعروفة ، وهي :

١ ـ الصحيح : وعرّفوه بأنّه ما اتّصل سنده إلى المعصوم عليه‌السلام بنقل الإمامي العدل عن مثله في جميع الطبقات (١) ، وهو كما ترى لا ينطبق على متعارف المحمّدين الثلاثة في إطلاق الصحيح.

٢ ـ الحَسَن : وهو ما اتصل سنده إلى المعصوم عليه‌السلام بإماميّ ممدوح مدحاً معتدّاً به ، من غير نصّ على عدالته ، مع تحقّق ذلك في جميع مراتب السند ، أو في بعض مراتبه ولو في واحدٍ ، مع كون باقي رجال السند من رجال الصحيح (٢).

٣ ـ الموثّق : وهو ما دخل في طريقه من نصّ الأصحاب على توثيقه مع فساد عقيدته ، ولم يشتمل باقي السند على ضعيف. ويقال له : القوي ، وقد يميّز بينهما بإطلاق القوي على مرويّ الإماميّ الذي لم يُمدح ولم يُذمّ (٣).

٤ ـ الضعيف : وهو ما لم تجتمع فيه شروط أيٍّ من الأصناف الثلاثة المتقدّمة (٤).

ثمّ حاول المتأخّرون وشرّاح الكافي تطبيق هذا الاصطلاح على أحاديث الكافي حتى بلغ الضعيف من أحاديث الكافي ـ بحسب الاصطلاح الجديد ـ (٩٤٨٥) حديثاً ، وما تبقّى من الأحاديث موزّعاً كالآتي : الصحيح / (٥٠٧٢) حديثاً ، والحسن / (١٤٤) حديثاً والموثّق / (١١٢٨) حديثاً.

وقد علمت أنّ تطبيق الاصطلاح على أحاديث الكافي لم يُلحظ فيه ما جرى عليه ثقة الإسلام من إطلاق لفظ الصحيح على ما اقترن بالقرائن المتقدّمة التي صار فقدان معظمها سبباً للتصنيف الجديد.

__________________

(١) وصول الأخيار ، ص ٩٢ ؛ الدراية ، ص ١٩ ؛ الرواشح السماوية ، ص ٤٠ ؛ مقباس الهداية ، ج ١ ، ص ١٤٦ و ١٥٧.

(٢) وصول الأخيار ، ص ٩٥ ؛ الدراية ، ص ٢١ ؛ الرواشح السماوية ، ص ٤١ ؛ مقباس الهداية ، ج ١ ، ص ١٦٠ ؛ نهاية الدراية للصدر ، ص ٢٥٩.

(٣) وصول الأخيار ، ص ٩٧ ؛ الدراية ، ص ٣٣ ؛ الرواشح السماويّة ، ص ٤١ ؛ المقباس ، ج ١ ، ص ١٦٨ ؛ نهاية الدراية ، ص ٢٦٤.

(٤) وصول الأخيار ، ص ٩٨ ؛ الدراية ، ص ٢٤ ؛ الرواشح السماوية ، ص ٤٢ ؛ المقباس ، ج ١ ، ص ١٧٧ ؛ نهاية الدراية ، ص ٢٦٦.

٩١

وهذا هو الذي نعتقده ، إذ لو كانت الأحاديث الضعيفة بهذا المقدار واقعاً ، فكيف يصحّ لمثل الشيخ المفيد أن يقول عن الكافي بأنّه من أجلّ كتب الشيعة وأكثرها فائدةً؟ وكيف يشهد من مثل النجاشي بأنّ الكليني كان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم؟

وثمّة شي‌ء آخر يجب الالتفات إليه وهو كون الأحاديث الضعيفة في الكافي بحسب الاصطلاح ، غالباً ما تجد مضامينها أو نصوصها مخرّجة من طرق اخرى صحيحة في الأبواب نفسها التي اشتملت على تلك الضعاف فيما تتبّعناه. وهذا يعني أنّ شهرة الخبر روائيّاً لم تلحظ في هذا المنهج ؛ لأنّ أغلب الأسانيد التي أهملها اتّفقت متونها إمّا بالنّص تارةً أو المضمون اخرى مع المتون المروية بالأسانيد الصحاح ، ومع هذا فإنّ ما فاته من الصحيح غير قليل.

حكاية عرض الكافي على الإمام المهدي عليه‌السلام :

قد تجد في الأوان الأخير من يخالف سيرة علماء الشيعة ، ويتشبّث بحكاية عرض الكافي على الإمام المهدي عليه‌السلام ، ويستنصر لمقولة « الكافي كافٍ لشيعتنا » بعد تلطيفها! وينسب للكليني رحمه‌الله على أثر ذلك أشياء لا دليل عليها ، فتراه يجزم تارةً بأنّ للكليني صلاتٍ وتردّداً مع السفراء الأربعة رضي الله تعالى عنهم ، ويؤكّد تارةً اخرى على أنّ كبار علماء الشيعة كانوا يأتون إلى الكليني ويسألونه وهو في مجالس سفراء الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، وثالثة يتساءل : كيف لم يطلب أحد السفراء من الكليني كتابه لعرضه على الإمام عليه‌السلام؟ وهلاّ حظي الكافي بعناية السفراء واهتمامهم ، مع أنّهم كانوا يولون العناية لما هو أقلّ شأناً من الكافي؟

وجميع هذا الكلام باطل ؛

أمّا عن الصِّلات والتردّد ، فاعلم أنّه لا توجد للكليني رواية واحدة في الكافي عن أيٍّ من السفراء الأربعة رضي الله تعالى عنهم بلا واسطة ، مع أنّه استقرّ ببغداد قبل سنة ( ٣١٠ هـ ) ، ودخل إلى العراق قبل سنة ( ٢٩٠ هـ ) ، وحدّث عن بعض مشايخ بغداد موطن السفراء.

كما أنّ ثقة الإسلام لم يُكثر من الرواية عن أيٍّ من السفراء الأربعة بالواسطة ، بل لم تكن مرويّاتهم في الكتب الأربعة كثيرة ، بل هي نادرة فيها جدّاً ، ولعلّها لا تزيد على‌

٩٢

عشرة أحاديث ، من بينها حديثان فقط أخرجهما الكليني في اصول الكافي. (١)

وهذا ليس مدعاة للتعجّب ؛ إذ يكاد يكون بمنزلة التصريح منهم قدّست أسرارهم بإيكال أمر الحديث إلى أعلامه وأقطابه ؛ لانشغالهم بأمر عظيم ، وهو تنفيذ أوامر الإمام المهدي عليه‌السلام ، وانقطاعهم لهذا الأمر أكثر من أيّ أمر آخر. ويدلّ عليه كتاب الغيبة للشيخ الطوسي الذي ضمّ معظم المروي عن السفراء الأربعة رضي الله تعالى عنهم ، وكان جلّه بهذا الخصوص.

ولا ننسى في المقام دور أهل البيت عليهم‌السلام في كيفيّة توجيه رواة الحديث إلى الطرق الكفيلة بمعرفة الحديث الصحيح وتمييزه عن غيره بقواعد رصينة سار عليها علماء الشيعة إلى اليوم ، مع تصريحهم عليهم‌السلام بكفر الغلاة ولعنهم ، لتجنّب الرواية عنهم ، ومدح الثقات ، والتعريف ـ على نحو المثال ـ ببعضهم ؛ لأخذ الرواية منهم ، ولم يشغلوا أنفسهم عليهم‌السلام بمراجعة كتب أصحابهم ، كما لم يطلبوا من المبرّزين منهم مراجعتها ، بعد تمهيد سائر السبل الأمينة لمعرفة السليم ونبذ السقيم.

ويؤيّد هذا ... أنّ سيرة آخر الأئمّة عليهم‌السلام إزاء الكتب المؤلّفة في عصورهم الشريفة ، جرت على وفق ما كانت عليه سيرة آبائهم الأطهار عليهم‌السلام ، حيث لم نسمع بأنّ أحداً منهم صلوات الله عليهم قد طلب من مؤلّفي الشيعة في ذلك الزمان عرض مؤلّفاته عليه للتأكّد من سلامتها ، أمّا لو اتّفق أن يعرض المؤلّف كتابه أو كتاب غيره على إمام عصره فلا ضير في هذا ، كما حصل لبعضهم.

وإذا علمنا أنّ الظرف السياسي الذي عاشه الإمام المهدي عليه‌السلام في غيبته الصغرى ، هو أصعب بكثير ممّا كان عليه آباؤه عليهم‌السلام ، اتّضح لنا أنّ عرض المؤلّفات عليه حفظه الله بعينه ورعايته ليس بالأمر الطبيعي ، ولا تقتضيه ظروف المرحلة ، بقدر ما تقتضي بيان دَور الشيعة في غياب مَن لم يعرفه مات ميتة جاهلية. وليس من المعقول جدّاً أن لا يلتفت السفراء الأربعة رضي الله تعالى عنهم إلى مثل هذا حتى يجعلوا من الإمام المهدي أرواحنا فداه مصحّحاً لمؤلّفات الشيعة ، غير آبهين بخطورة تلك المرحلة ، وكيف‌

__________________

(١) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب في تسمية من رآه عليه‌السلام ، ح ٨٦٩ و ٨٧٢.

٩٣

يغفل الكليني عن مثل هذا فيقدّم كتابه طواعية إلى السفراء ليأخذ نصيبه من نظر المنتظر صلوات الله وسلامه عليه؟

ثمّ أليس يعني هذا سلب القدرة العلميّة عن ثقة الإسلام الذي عدّه خصوم الشيعة من المجدّدين على رأس المائة الثالثة؟

وأمّا ما ذُكر في المقام من دأب السفراء الأربعة رضي الله عنهم على متابعة الكتب والتأكّد من سلامتها! فهو كذب عليهم ، مع المبالغة الظاهرة ، زيادة على خطأ الاستدلال به.

ووجه الكذب ، هو أنّه لم يُعرف عنهم ذلك ، ولا ادّعاه أحدٌ منهم ، ولا نسبه فاضِل إليهم.

ووجه المبالغة : هو أنّ غاية ما يعرف عنهم في ذلك ، طلب السفير الثالث الحسين بن روح رضى الله عنه كتاب التكليف ليقرأهُ بنفسه (١) ، وهو من تأليف أبي جعفر محمّد بن علي بن أبي العزاقر المعروف بالشلمغاني بعد أن صار يدّعي أشياء عظيمة باطلة أدّت إلى لعنه والبراءة منه وقتله سنة ( ٣٢٣ هـ ) ، وكان قبل ذلك وكيلاً عن السفير الثالث في الكوفة ، وكان كتابه التكليف رائجاً عند الشيعة ؛ لأنّه كان ألّفه قبل انحرافه واشتهاره بالكذب على السفير الثالث رضى الله عنه. ولو لم ينحرف لما كان الشيخ بحاجة إلى كلّ هذا ، ولترك كتابه كما ترك غيره من مؤلّفات الشيعة التي كانت تزخر بها دورهم ومكتباتهم في بغداد.

ومنه يعلم خطأ الاستدلال به ؛ لتضمّنه سلب القدرة العلميّة عن ثقة الإسلام!

وأمّا عن الاستدلال على حكاية العرض ، بالتوقيع الخارج من الناحية المقدّسة إلى الصدوق الأوّل ( م ٣٢٩ هـ ) (٢) ، كما في الكليني والكافي (٣) فلا ينبغي لأحد أن يصدّقه دليلاً ، أو يتوهّمه شاهداً على صحّة احتمال عرض الكافي أو بعضه على الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام بتوسّط أحد السفراء رضي الله عنهم ؛ لاختلاف الموضوع بينهما اختلافاً جذرياً بحيث لا يمكن أن يُقاس أحدهما بالآخر ؛ لأنّ طلب الوالد عن طريق الدعاء المستجاب انحصر ـ بناءً على رغبة الطالب وهو الصدوق الأوّل ـ بالإمام‌

__________________

(١) الغيبة للطوسي ، ص ٤٠٨ ، ح ٣٨٢.

(٢) إكمال الدين ، ص ٥٠٣ ذيل ح ٣١ ؛ رجال النجاشي ، ص ٢٦١ ، الرقم ٦٨٤ ؛ الغيبة للطوسي ، ص ٣٣٠ ، ح ٢٦٦.

(٣) راجع : الكليني والكافي ، ص ٣٩٢ ـ ٣٩٧.

٩٤

المعصوم ، وليس الحال كذلك في تقييم كتب الحديث ، لإناطة ذلك إلى أهل العلم القادرين على معرفة الصحيح من الأخبار.

ومن كلّ ما تقدّم يعلم أنّ الاغترار بحكاية « الكافي كافٍ لشيعتنا » وتصحيحها أو تلطيفها لا يستند على أيّ دليل علمي ، بل جميع الأدلّة المتقدّمة قاضية ببطلان تلك الحكاية التي لم يسمعها الكليني نفسه ، ولم يعرفها أحد من تلامذته ولم يكن لها وجود في عصر الغيبة الصغرى ( ٢٦٠ ـ ٣٢٩ هـ ) ولم يعرفها أحد ولا سمع بها أحد في أكثر من سبعة قرون بعد وفاة الكليني.

وأمّا نسبة هذه الحكاية إلى الشيخ خليل بن غازي القزويني ( م ١٠٨٩ هـ ) فغلط واضح ، لأنّ المحدّث الأسترآبادي الذي مات رحمه‌الله سنة ( ١٠٣٦ هـ ) أي قبل القزويني بأكثر من خمسين سنة ، قد أنكر هذه الحكاية ، وهو شيخ الأخباريّين في زمانه.

هذا ، ولا يستبعد أن يكون أصل حكاية « الكافي كافٍ لشيعتنا » من اشتباهات بعض المشايخ المغمورين من المتأخّرين في زمان رواج المنهج الأخباري بحديث الشيخ الصدوق الذي أسنده إلى الإمام الصادق عليه‌السلام في تفسير قوله تعالى : ( كهيعص ) (١) وأنّه قال عليه‌السلام : « الكاف : كاف لشيعتنا ... » (٢) ، فانصرف ذهن المشتبه إلى كتاب الكافي ، ثمّ نسب هذا للإمام المهدي عليه‌السلام بلحاظ أنّ الكليني لم يدرك الإمام الصادق عليه‌السلام وإنّما عاش ومات قدس‌سره في زمان الغيبة الصغرى لإمام العصر والزمان عليه‌السلام ، ثمّ راجت تلك المقولة بين المغفّلين حتى اضطرّ العلماء إلى تكذيبها صراحةً كما مرّ عن شيخ الأخباريّين الأسترآبادي رحمه‌الله.

بيان موقف علماء الشيعة من أحاديث الكافي :

لعلماء الشيعة ـ قديماً وحديثاً ـ إزاء أحاديث الكافي ثلاثة مواقف ، وهي :

الموقف الأوّل : النظر إلى روايات الكافي سنداً ودلالةً ، والتعامل معها على أساس معطيات علمَي الرجال والحديث درايةً وروايةً ، وهذا هو رأي الاصوليّين وأكثر العلماء والفقهاء والمحقّقين.

__________________

(١) مريم (١٩) : ١.

(٢) معاني الأخبار ، ص ٦٨ ، ح ٦.

٩٥

الموقف الثاني : الإطمئنان والوثوق بصحّة أحاديث الكافي ، بالمعنى المتعارف عليه قبل تقسيم الأخبار إلى صحيح وحسن وموثّق وضعيف ، وهذا هو قول الأخباريّين الذي يمثّل جانب الاعتدال بالقياس إلى الموقف الثالث.

الموقف الثالث : ويمثّله قول الأسترآبادي ، والخليل بن غازي القزويني ، ومن وافقهم من الأخباريّين ، وخلاصته : الحكم بقطعيّة صدور أحاديث الكافي عن المعصومين عليهم‌السلام ، وهو شبيه بقول العامّة بشأن أحاديث البخاري ومسلم ، ولا دليل عليه إلاّ بعض القرائن التي صرّح المحدّث النوري بأنّها لا تنهض بذلك.

لقد احتدم النقاش بين الأخباريّين والاصوليّين حتى بلغ ذروته في عصر العَلَمين البحراني والوحيد البهبهاني ٠ ، وحاول كلّ فريقٍ مناقشة آراء الطرف الآخر وإثبات بطلانها ، ويبدو من خلال مراجعة كلمات أقطاب الشيعة قبل ظهور الفكر الأخباري أنّ ما تبنّاه الاصوليّون هو الأقرب للصحّة ، باعتباره من أكثر الأقوال قرباً من واقع الكتب الأربعة وانسجاماً مع مواقف الأعلام المتقدّمين من أحاديث الكافي ، وإن تعسّف بعضهم ـ أحياناً كثيرة ـ بتضعيف من ليس بضعيف!

منهج الكليني في أسانيد الكافي :

اختلف المنهج السندي في كتاب الكافي اختلافاً كلّياً عن المنهج السندي في كتاب من لا يحضره الفقيه وكتابي التهذيب والاستبصار ، إذْ سَلَكَ كلّ من المحمّدين الثلاثة طريقاً يختلف عن الآخر في إسناد الأحاديث.

فالصدوق حذف أسانيد الأحاديث التي أخرجها في كتابه الفقيه لأجل الاختصار ، ولم يُسند في متن الكتاب غير تسعة أحاديث فقط (١) بحسب ما استقرأناه. وقد استدرك على ما رواه بصورة التعليق بمشيخةٍ في آخر الكتاب أوصل بها طرقه إلى أغلب مَنْ روى عنهم في الفقيه لتخرج مرويّاته عن حدّ الإرسال.

وأمّا الشيخ الطوسي فقد سلك في منهجه السندي في التهذيب والاستبصار تارةً‌

__________________

(١) الفقيه ، ج ١ ، ص ٣١٥ ، ح ١٤٣١ ؛ وج ٢ ، ص ١٥٤ ، ح ٦٦٨ ؛ وص ٢١١ ح ٩٦٧ ؛ وج ٣ ، ص ٦١ ، ح ٢١١ ؛ وص ٦٢ ، ح ٢١٢ ؛ وص ٦٥ ، ح ٢١٨ ؛ وج ٤ ، ص ١٦٥ ، ح ٥٧٨ ؛ وص ٢٧٣ ، ح ٨٢٩ ؛ وص ٣٠١ ، ح ٩١١.

٩٦

مسلك الشيخ الكليني الآتي ، واخرى مسلك الشيخ الصدوق في كتابه الفقيه ، وذلك بحذف صدر السند والابتداء بمن نقل من كتابه أو أصله ، مع الاستدراك في آخر الكتابين بمشيخةٍ على غِرار ما فعله الشيخ الصدوق.

وأمّا الكليني : فقد سلك في كتابه الكافي منهجاً سنديّاً ينمُّ عن قابليّة نادرة وتتبّع واسع وعلمٍ غزير في متابعة طرق الروايات وتفصيل أسانيدها ؛ إذْ التزم بذكر سلسلة سند الحديث إلاّما نَدَرَ ، مع ملاحظة امور كثيرة في الإسناد.

منها : اختلاف طرق الرواية ، فكثيراً ما تجده يروي الرواية الواحدة بأكثر من إسنادٍ واحدٍ ، وإذا لوحظت أخبار الكافي بلحاظ تعدّد رواتها ، فإنّك تجد فيه تعدّد رواة الخبر في طبقات السند ، بحيث تجد الكثير من الأسانيد قد تحقّقت فيها الاستفاضة أو الشهرة (١) في بعض مراتبها كروايته عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ؛ والحسين بن محمّد ، عن عبدويه وغيره ؛ ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد جميعاً. (٢)

وكذلك نجد الخبر العزيز (٣) في بعض المراتب أيضاً ، كروايته عن محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان ؛ وعليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى (٤) ، وهنا قد تحقّق الخبر العزيز بثلاث طبقات ، إذ نقله الكليني عن اثنين ، عن اثنين ، عن اثنين.

هذا وقد يعدل الكليني أحياناً عن هذا المنهج عند توافر أكثر من طريق واحد للرواية ، وذلك بذكر سند الطريق الأوّل ثمّ يعقّبه بعد هذا بالطريق الثاني ، ذاكراً في نهايته عبارة : « مثله » ، إشارة منه إلى تطابق المتن في كلا الطريقين. وهو من أوضح‌

__________________

(١) الخبر المستفيض أو المشهور ، هو من أقسام خبر الآحاد المسند باعتبار عدد رواته. وعرّفوه بأنّه : ما زادت رواته على ثلاثة أو اثنين في كل مرتبة من مراتب السند من أوّله إلى منتهاه ، ويسمّى بالمشهور أيضاً ، وقد يغاير بينهما على أساس تحقّق الوصف المذكور في المستفيض دون المشهور ؛ لأنّه أعم من ذلك كحديث « إنّما الأعمال بالنيّات » ، فهو مشهور غير مستفيض ، للانفراد في نقله ابتداءً وطروّ الشهرة عليه بعد ذلك.

انظر : الدراية ، ص ٣٢ ؛ مقباس الهداية ، ج ١ ، ص ١٢٨ ؛ نهاية الدراية ، ص ١٨٨.

(٢) الكافي ، كتاب الحجّ ، باب حجّ إبراهيم وإسماعيل ... ، ح ٦٧٢٨ ، وكثير مثله.

(٣) الخبر العزيز : هو ما يرويه اثنان من الرواة عن اثنين ، وصولاً إلى المعصوم عليه‌السلام. انظر : الدراية ، ص ١٦ ؛ مقباس الهداية ، ج ١ ، ص ١٣٤.

(٤) الكافي ، كتاب الطهارة ، باب الماء الذي لا ينجّسه شي‌ء ، ح ٣٨٠٧.

٩٧

مصاديق الخبر العزيز في الكافي (١).

ومن الامور التي تلاحظ على منهجه السندي أنّه كثيراً ما يرد في أسانيد الكافي ذكر كُنى الرواة وبلدانهم وقبائلهم وحِرَفِهم ، أمّا حذف الاسم والاكتفاء بما يدلّ عليه من كنية أو لقب ، فلا يدلّ على التدليس كما قد يتوهّمه الجاهل ؛ لأنّ الحذف لم يكن من الكليني تعمّداً بل من مشايخه الذين كانوا يكنّون مشايخهم تقديراً لهم ، لما في إطلاق الكنية من معاني الاحترام ، وقد عرف العرب بالتكنية ، ولهم في الاعتداد بها طرائف كثيرة ليس هنا محلّ تفصيلها. غاية الأمر أنّ ما ينسب إلى الكليني وهو في الواقع إلى مشايخه إنّما باعتبار التدوين بعد الاختيار.

إذن ، نسبة جميع ما يرد في الإسناد ؛ من ألفاظ وإن كانت مجهولة أحياناً مثل : « عن شيخ » أو « عن رجل » ونحو ذلك ، إنّما ينسب إلى الكليني بهذا الاعتبار ، لا أنّه تعمّد إخفاء الاسم والتعبير عنه بمثل هذه الألفاظ كما قد نجده عند بعض المهرّجين الأغبياء الذين لم يلتفتوا إلى حقيقة هذا المقصد.

وهناك مفردات اخرى في المنهج السندي في كتاب الكافي نشير إلى بعضها اختصاراً :

منها : الالتزام بالعنعنة في الإسناد كبديل مختصر عن صيغ الأداء الاخرى التي وردت في الكافي بصورة أقلّ من العنعنة.

ومنها : الأمانة العلميّة في التزام نقل ألفاظ مشايخ السند ، ومثاله نقله حتّى لتردّد الرواة في التحديث عن مشايخهم بلفظ « حدّثني فلان ، أو روى فلان » (٢). أو التصريح بما أرسله بعض المشايخ ، أو رفعه. (٣)

ومنها : اختصار سلسلة السند المتكرّر بعبارة : « وبهذا الإسناد » ، (٤) أو حذف تمام‌

__________________

(١) أغلب الأحاديث التي لم ترقّم في طبعات الكافي ، هي من الأحاديث العزيزة المرويّة بطريقين مختلفين ، ابتداءً من الكليني وانتهاءً بالمعصوم عليه‌السلام.

(٢) الكافي ، كتاب الطلاق ، باب طلاق الغائب ، ح ١٠٧٣٨.

(٣) ومثال التصريح بالإرسال تجده في الكافي ، كتاب العقيقة ، باب فضل الولد ، ح ١٠٤١٦ ؛ وكتاب الأشربة ، باب تحريم الخمر في الكتاب ، ح ١٢٢٨٥. ومثال التصريح بالرفع تجده في الكافي ، كتاب العقل والجهل ، ح ٣ و ١٣ و ٢٨ و ٣٠.

(٤) الكافي ، كتاب فضل العلم ، باب البدع والرأي والمقاييس ، ح ١٦٣ و ١٦٤.

٩٨

السند المتكرّر والاكتفاء بالعبارة المذكورة (١).

ومنها : تنوّع مصادر السند في الكافي ، بحيث يمكن تصنيفها على طائفتين رئيسيّتين ، وهما : الرجال ، والنساء الراويات ، والرجال إلى معصومين وغيرهم ، وهذا الغير إلى صحابة وتابعين وغيرهم ، وقد جاءت مرويّاتهم لتتميم الفائدة ، وبعضها الآخر لبيان وجه المقارنة بينها وبين مرويّاته الاخرى.

ومنها : وجود الأحاديث الموقوفة (٢) ، والمرسلة (٣) ، والمجهولة وهي التي في إسنادها راوٍ لم يُسَمّ ، وتسمّى المبهمة ، وحكمها الإرسال جميعاً (٤) ، كذلك وجود الأحاديث المضمرة (٥) ، مع توافر بعض الأصناف الاخرى لخبر الواحد المسند ، كلّ صنف بلحاظ عدد رواته تارةً ـ وهو ما ذكرناه آنفاً ـ أو بلحاظ حال رواته ، أو بلحاظ اشتراك خبر الواحد المسند مع غيره كالمعنعن والمسلسل (٦) ، والمشترك (٧) ، والعالي ،

__________________

(١) الكافي ، كتاب الطهارة ، باب البئرو ما يقع فيها ، ح ٣٨٢٣.

(٢) الحديث الموقوف ، هو ما روي عن أحد أصحاب المعصوم عليه‌السلام من دون أن يسنده إليه ، ويسمّى الموقوف المطلق ، ومثاله ما ورد عن معاوية بن عمّار وابن أبي عمير وغيرهما موقوفاً عليهم في الكافي ، كتاب الطلاق ، باب الظهار ، ح ١١٠٧٢ ؛ وكتاب الوصايا ، باب من أوصى وعليه دين ، ح ١٣١٨٢.

(٣) المرسل : هو ما حذف من سلسلة سنده راوٍ واحد أو أكثر ، وكذا لو ذكر أحد رجال السند بلفظ مبهم ، وله تعاريف اخرى ، راجع : الدراية ، ص ٤٧ ؛ نهاية الدراية ، ص ١٨٩ ؛ مقباس الهداية ، ج ١ ، ص ٣٣٨ ، ومثاله في الكافي ، كتاب التوحيد ، باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين ، ح ٤٠١.

(٤) مثل : عمّن رواه ، أو عمّن حدّثه ، أو عمّن أخبره ، ونحو ذلك من الألفاظ الاخرى نحو : عن رجل ، أو عن شيخ ، وهكذا في كل لفظ مبهم ، والحكم في الجميع هو الإرسال. كما في مقدّمة ابن الصلاح ، ص ١٤٤ ؛ الرواشح السماوية ، ص ١٧١.

(٥) المضمر : هو الحديث الّذي اخفي فيه المسؤول ولم يُعْرَف هل هو إمام أو غيره؟ كرواية الكليني بسنده عن أسباط بن سالم قال : سأله رجل من أهل هيت ، وأنا حاضر ... الخبر. الكافي ، كتاب الحجّة ، باب الروح التي يسدّد الله بها الأئمّة عليهم‌السلام ، ح ٧١٩.

(٦) الحديث المسلسل : هو ما اتّفق الرواة فيه على صفةٍ واحدة أو حال معيّنة ، ومن أمثلته في الكافي ، كتاب الصلاة ، باب فضل المسجد الأعظم بالكوفة ... ، ح ٥٧١٤. وانظر تعريفه في الدراية ، ص ٣٨.

(٧) المشترك : هو ما كان أحد الرواة فيه مشتركاً بين الثقة وغيره تارةً ، وبين الثِقات فقط تارةً اخرى ، وفي الحالة الاولى لابدّ من تمييزه ، بخلاف الحالة الثانية. مقباس الهداية ، ج ١ ، ص ٢٨٨. ومثال مشتركات الكافي من الحالة الاولى ما رواه عن محمّد بن إسماعيل المشترك بين الثقة وغيره ، وقد ميّزوه بالنيسابوري ، ورواياته كثيرة في الكافي ، ومثال الثانية ما رواه عن محمّد بن جعفر وهو مشترك بين الثقات كالرزّاز والأسدي ، ورواياته في الكافي كثيرة أيضاً.

٩٩

والنازل (١) ، والمعلّق بشرط معرفة المحذوف.

ومنها : تعبير الكليني عن مجموعة من مشايخه بلفظ : « عدّة من أصحابنا » أو « جماعة من أصحابنا » ، والأوّل مطّرد ، والآخر نادر.

منهج الكليني في متون الكافي :

يمكن تلخيص منهج الكليني في رواية متون الكافي بجملة من الامور ، نذكر أهمّها :

١ ـ الإكثار من المتون الموشّحة بالآيات القرآنية ، خصوصاً آيات الأحكام ، ولهذا لا تكاد تجد آيةً من آيات الأحكام إلاّوقد وردت في فروع الكافي ، ولو استلّت تلك الروايات من الكافي لألّفَتْ تفسيراً رائعاً لأهل البيت عليهم‌السلام في أحكام القرآن الكريم.

٢ ـ اشتمال بعض متون الكافي على توضيحات من الكليني (٢).

٣ ـ بيان موقفه أحياناً من تعارض مرويّاته (٣) ، وربّما نبّه إلى ما خالف الإجماع على الرغم من صحّته بطريق الرواية (٤).

٤ ـ رواية ما زاد على المتن من ألفاظ الرواة ؛ لفرط أمانته في نقل الخبر بالصورة التي سمعها من مشايخه أو أخرجها من الكتب المعتمدة التي يرويها بالإجازة عن مشايخه وهذا ما يسمى اصطلاحاً بمدرج المتن (٥).

٥ ـ الاقتباس والرواية من الكتب كالاصول الأربعمائة وغيرها.

__________________

(١) العالي والنازل : من أوصاف الخبر المشترك مع غيره ، ويراد بالأول ، ما كان قليل الواسطة من المحدّث إلى المعصوم عليه‌السلام ، والثاني بخلافه ، ويسمّى الأول « قرب الإسناد » أو « علوّ الإسناد ». انظر مقباس الهداية ، ج ١ ، ص ٢٤٣ ـ ٢٤٤ ، ولا يشترط في علوّ الإسناد عدد معيّن من الرواة ، فقد يكون سند الخبر عالياً مع أنّه من خمسة رواة وذلك بالقياس إلى متن ذلك الخبر نفسه المروي بسبع وسائط قبلاً ، وأمثلة قرب الإسناد كثيرة في الكافي وتعرف بالتتبّع والمثابرة.

(٢) الكافي ، كتاب الصلاة ، باب التطوّع في وقت الفريضة ... ، ح ٤٨٨٩.

(٣) الكافي ، كتاب الصيام ، باب صوم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ح ٦٣٣٦.

(٤) الكافي ، كتاب المواريث ، باب ابن أخ وجدّ ، ح ١٣٤٤٩.

(٥) المدرج على أقسام ، وأشهر ما وقع منها في الكافي ، هو مدرج المتن ، ويراد به : ما اندرج في متن الخبر من ألفاظ أحد رواته ، سواء كان اللفظ في أوّل المتن ، أو في وسطه ، أو في آخره ، كتفسير كلمة من المتن ونحوها مما قد يتوهّم بعضهم فيحسبها من المتن ، ومثال ذلك في الكافي ، كتاب الصلاة ، باب تهيئة الإمام للجمعة ... ، ح ٥٤٧٦ ؛ وكتاب الحدود ، باب أنّه لاحدّ لمن لاحدّ عليه ، ح ١٤٠٢٠.

١٠٠