المراتب الأربع مترتبة عند العقل حسب ترتبها في الذكر ، بمعنى أنه لا تحسن المرتبة اللاحقة إلا عند تعذر المرتبة السابقة.
وعلى كل حال : بعد تعذر المراتب الثلاث من الامتثال التفصيلي والإجمالي والظني تصل النوبة إلى الامتثال الاحتمالي ، والعقل يستقل بحسنه ، ويكون ذلك امتثالا للأمر الواقعي على تقدير وجوده ، ولا يتوقف حقيقة الامتثال على قصد الأمر التفصيلي ، وإلا كان اللازم عدم حصول الامتثال في موارد العلم الإجمالي (١).
وتوهّم : أن الأمر في موارد العلم الإجمالي مقطوع معلوم فلا يقاس بالشبهات البدوية التي ليس فيها إلا احتمال الأمر ـ فاسد ، فان مجرد العلم بتعلق الأمر بأحد فردي الترديد لا يكفي لو بنينا على اعتبار قصد التقرب والأمر التفصيلي في عبادية العبادة ، فإنه حين الاشتغال بكل واحد من فردي الترديد لا يمكن قصد التقرب به وامتثال أمره ، لعدم العلم بتعلق الأمر به ، لاحتمال أن يكون متعلق الأمر هو الفرد الآخر الذي يأتي به بعد ذلك ، أو الذي أتى به قبل ذلك ، ففي موارد العلم الإجمالي لا يمكن أزيد من قصد امتثال الأمر الاحتمالي بالنسبة إلى كل واحد من العملين اللذين يعلم إجمالا بتعلق الأمر بأحدهما ، فلو كان الامتثال الاحتمالي لا يكفي في صحة العبادة كان اللازم عدم التمكن من الامتثال في موارد العلم الإجمالي ، وهو كما ترى!.
وبالجملة : لا ينبغي الإشكال في أن الامتثال الاحتمالي من أحد مراتب الامتثال والعقل يستقل بحسنه وسقوط الأمر به على تقدير ثبوته واقعا (٢) نعم : ليس هو في عرض الامتثال التفصيلي بل في طوله. وما أبعد ما بين القول :
________________________
التوصليات ، حيث لا يعتبر فيها قصد التمييز ولا الوجه ، فيكفي في التقرب بها رجاء أمرها ، كما لا يخفى.
١ ـ أقول : لا قصور في الالتزام بهذا التالي ، ولذا نمنع عن الاحتياط فيما يستلزم التكرار المعلوم اختصاصه بصورة العلم الإجمالي ، كما لا يخفى.
٢ ـ أقول : ذلك صحيح في التوصليات ، وإلا ففي التعبديات مجال إشكال ، كما أشرنا.