المقدس يوازن بين الفئتين ، ويبيّن الفرقة الحقّة ، والمسار الصحيح ، وأنّ التعبّد المحض هو سبيل النجاة ، وهو مراد الله سبحانه وتعالى لا الاجتهاد والرأي وتفسير الأمور وفق الأذواق والأهواء والأمزجة والعقائد الموروثة ، فقال تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ ) (١) ، فقد قرّر القرآن في هذه الآية الكريمة أنّ استئذان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يساوق الإيمان بالله ، وذلك لِما لهؤلاء المستأذنين من عقيدة راسخة وفهم صحيح لوجوب إطاعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والالتزام بما يقوله ويفعله ، بخلاف الآخرين الذين لا يرون هذه الرؤية ويذهبون إلى خلافها ، أو أنّهم يفسّرونها طبق آرائهم واجتهاداتهم.

وغيرها من الآيات المباركة التي تتحدث بهذا الصدد.

المجتهدون في زمان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

وقد كان للمجتهدين في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أثر كبير ، بحيث سوّغوا لأنفسهم العمل بأعمال نهى عنها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو لم يأمر بها ، وتعدّوا حدودهم فراحوا يعترضون على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله اعتراض ندٍّ قرين ، ويجتهدون أمام النص الصريح.

فمن ذلك ما فعله خالد بن الوليد من الوقيعة ببني جذيمة في السنة الثامنة للهجرة ، حيث بعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله داعياً للإسلام ولم يبعثه مقاتلاً ،

______________________________

(١) النور : ٦٢.