إيصال الماء ، أو علم بأنّه توضّأ من هذا المائع ولكن شكّ في كونه ماء مطلقاً ، كلّ ذلك وما كان من قبيله لا تجري فيه قاعدة الفراغ ، إذ لا يكون الشكّ في ذلك ممحّضاً للشكّ في العمل ، بل يكون الشكّ في ذلك راجعاً إلى جهة أُخرى هي غير ناحية نفس العمل وإن أوجب الشكّ في تلك الناحية الشكّ في العمل ، ولأجل ذلك يكون الشكّ في تلك الناحية موجوداً حتّى لو لم يعمل ، فإنّ كون هذه الجهة التي صلّى إليها قبلة مشكوك ، سواء وقعت منه الصلاة أو لم تقع ، ولأجل ذلك يكون الشكّ في أمثال ذلك شكّاً في انطباق المأمور به على المأتي به لا في مطابقة المأتي به للمأمور به ، والمستفاد من قاعدة الفراغ هو كون موردها من قبيل الشكّ في مطابقة المأتي به للمأمور به (١).
__________________
(١) لا يخفى أنّا لو قلنا بأنّ من صلّى إلى جهة معيّنة وشكّ بعد الفراغ في كونها قبلة لا تجري في حقّه قاعدة الفراغ ، لزمنا أن نقول بأنّ من صلّى في ساعة معيّنة وبعد الفراغ شكّ في دخول الوقت في تلك الساعة أنّه لا تجري في حقّه قاعدة الفراغ ، سواء كان حين الشكّ عالماً بدخول الوقت وقد شكّ في مبدأ دخوله وأنّه كان داخلاً عند الصلاة أو كان حين شكّه المذكور شاكّاً أيضاً في دخول الوقت.
ومنه يظهر لك أنّ التفصيل بين الصورتين كما بنى عليه في العروة في مباحث الوقت [ العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ٢ : ٢٨٠ / المسألة ٧ ] لابدّ أن يكون مبنياً على أنّه لا مانع من جريان قاعدة الفراغ في مثل الشكّ في كون الجهة المعيّنة التي صلّى إليها قبلة ، فإنّه بناءً على ذلك يتأتّى التفصيل بين الصورتين ، ففي الثانية لا تجري قاعدة الفراغ لأنّها فرع إحراز الاشتغال على وجه لو لم يكن المرجع هو قاعدة الفراغ لكان المورد مورد الشكّ في فراغ الذمّة ، والمفروض في هذه الصورة أنّه حتّى الآن لم يحرز اشتغال ذمّته بالصلاة ، وهكذا الحال في كلّ ما يكون الشكّ في الصحّة من جهة الشكّ في حصول شرط التكليف ، كما لو شكّ في مقارنة حجّه للاستطاعة مع فرض