الصعب مثلاً فيقطع ببقائها ، فتكون الصحّة حينئذ نظير العدالة المردّدة بين ترك مطلق الذنوب صغيرها وكبيرها ، أو ترك خصوص الكبير منها ، فلو ارتكب الصغيرة حصل القطع بارتفاع العدالة على الأوّل وببقائها على الثاني ، وحينئذ يكون الاستصحاب في المقام من قبيل الاستصحاب عند التردّد في الحادث بين ما هو مقطوع البقاء وما هو مقطوع الارتفاع ، كما نقلناه في حاشية ص ١٦٠ (١) عن الأُستاذ العراقي قدسسره في درسه وفي مقالته ص ١٥٤.
بل قد يقال : إنّ الحكم يكون مردّداً بين ما هو مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع ، ويكون عدم جريان الاستصحاب فيه من هذه الجهة.
ولكن لا يخفى أنّ المانع من عدم (٢) جريان الاستصحاب في الحكم هو ما عرفت من الشكّ في بقاء الموضوع ، بل إنّ عدم جريانه في الموضوع إنّما هو لهذه الجهة ، فإنّ الصحّة أو العدالة لم تحمل على ذات الشخص بعلّة عدم المرض بقول مطلق أو عدم الارتكاب ، بل إنّ المحمول عليه هو المقيّد بذلك العدم ، والمتيقّن منه هو الواجد للعدم المطلق ، أمّا بعد عروض الحمّى أو بعد عروض الصغير فهو مغاير لذلك المتّصف بالعدم المطلق ، فلا يمكن حمل الصحّة عليه ، فلا يقال إنّ هذا المحموم أو المرتكب للصغيرة كان متّصفاً بالصحّة أو بالعدالة ، لعدم انحفاظ المتيقّن من موضوع الصحّة والعدالة ، وهو المنعدم فيه مطلق المرض أو مطلق الذنب.
وبالجملة : أنّ الصحّة والعدالة بمنزلة الحكم والعدم المطلق بمنزلة الموضوع ، ومع الانتقاض بالحمّى أو بارتكاب الصغيرة يكون استصحاب الصحّة
__________________
(١) راجع الصفحة : ٣٩٧.
(٢) [ هكذا في الأصل ، والظاهر أنّ كلمة « عدم » من سهو القلم ].