وإذا صحّحنا نسبة العدم إلى الشارع بهذا الاعتبار أعني البقاء والاستمرار ، نقول فيما نحن فيه : إنّ العدم السابق الذي كان متحقّقاً قبل البلوغ في ظرف كونه غير مستند إلى الشارع لا حدوثاً ولا بقاء نحكم ببقائه إلى ما بعد البلوغ ، ومن الواضح أنّ بقاءه فيما بعد البلوغ مستند للشارع ، فنجرّ ذلك العدم من الظرف الذي هو فيه غير مستند للشارع إلى الظرف الذي يكون فيه مستنداً إليه ، وهو ظرف ما بعد البلوغ أو بعد الشريعة.
قال قدسسره فيما حرّرته عنه في ذلك المبحث ـ أعني مبحث البراءة والاستدلال عليها باستصحاب عدم التكليف ـ ما هذا لفظه حسبما حرّرته : ولازم هذا الاستدلال سقوط البراءة في جميع الشبهات الحكمية ، لجريان الاستصحاب المذكور وحكومته عليها ، وتوضيح ما أفاده الشيخ قدسسره في الايراد عليه : هو أنّ الاستصحاب وإن لم ينحصر بما إذا كان المستصحب أثراً شرعياً قابلاً للتعبّد بنفسه أو باعتبار كونه ذا أثر عند حدوثه ، بل يجري فيما لو كان نفس بقائه قابلاً للتعبّد والحكم بالبقاء وإن لم يكن عند حدوثه أثراً شرعياً ولا ممّا يترتّب عليه الأثر الشرعي ، فلا مانع من هذه الجهة من استصحاب عدم التكليف الثابت في حال الصغر ، فإنّ ذلك العدم وإن لم يكن في زمان اليقين به ـ أعني حال الصغر ـ أثراً شرعياً ولا ممّا يترتّب عليه الأثر الشرعي ، إلاّ أنه في مرحلة الحكم ببقائه ـ أعني حال الكبر ـ أثر شرعي قابل للحكم بالبقاء ، فلا إشكال من هذه الجهة على استصحاب عدم التكليف.
إلاّ أنّ فيه إشكالاً من جهة أُخرى ، وهي أنّ العدم المطلق ليس بنفسه أثراً شرعياً ولا ذا أثر شرعي ، فالحكم ببقائه إلى ما بعد البلوغ لا ينفع إلاّباعتبار مقارنته وملازمة بقائه مع العدم المضاف ، فإن أُريد إثبات العدم المضاف كان الأصل