( أعني السيّد سلّمه الله في مبحث البراءة في مقام الردّ على تصحيح التمسّك للبراءة بأصالة عدم التكليف الثابت في حال الصغر ) ما هذا لفظه : والحقّ فيه العدم ، فإنّ عدم الحرمة الثابت حاله ليس إلاّبمعنى اللاّ حرجية العقلية ، وهذا قد ارتفع يقيناً إمّا بجعل الترخيص أو الحرمة بعد البلوغ ـ إلى أن قال ـ هذا مع أنّ عدم الحرمة إذا كان باقياً بعد البلوغ أيضاً فهو حينئذ عدم مستند إلى الشارع ومضاف إليه ، لما ذكرناه من أنّ عدم الحكم كنفس الحكم بيده وبتصرّفه ، وهذا بخلاف العدم السابق فإنّه أجنبي عن الشارع بالكلّية ، فاستصحاب العدم السابق وإثبات إضافته إلى الشارع داخل في الأُصول المثبتة ـ إلى أن قال ـ والحاصل أنّ العدم السابق لكونه غير مستند إلى الشارع غير محتمل البقاء ، وما هو محتمل بعد البلوغ وهو العدم المضاف مشكوك الحدوث ولم يكن متيقّناً سابقاً (١) ، وكأنّه يفرق بين ما إذا تحقّق عدم التحريم بعد البلوغ في زمان طويل أو قصير ثمّ شكّ بعد ذلك في طروّ التحريم ، صحّ استصحاب عدم التحريم ، لأنّ المستصحب هو العدم الثابت بعد البلوغ ، وهو أثر شرعي باعتبار البقاء ، بخلاف ما لو كان الشكّ من أوّل البلوغ ، فإنّه لا يصحّ استصحاب العدم الثابت قبل البلوغ.
ويمكن الجواب عنه : بأنّ العدم السابق على البلوغ وإن لم [ يكن ] في السابق أثراً شرعياً ، إلاّ أن بقاءه لمّا كان أثراً شرعياً صحّ استصحابه ، لما تقدّم من قوله في هذه الصفحة : من أنّ الأعدام وإن لم تكن مقدورة في الأزل إلاّ أن ها مقدورة بقاء واستمراراً ، فكما أنّ التحريم بيد الشارع فكذلك عدمه بيده الخ (٢) ، غايته أنّ هذه العبارة كانت في مقام بيان أنّ نفس العدم مقدور بقاء واستمراراً ،
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٣٣١.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٣٣٠.