الصلاة.
وقد يقال : ما الداعي للالتزام بهذه الجهات مع أنّه قدسسره في غنى عنها بما تقدّم منه قدسسره في المسألة السابقة ـ أعني القسم الثاني من الكلّي ـ من كون أصالة عدم الأكبر ممّا يترتّب عليه شرعاً عدم بقاء الكلّي ، لكون السببية في باب الحدث شرعية ، غايته أنّه في ذلك البحث قد أسقط أصالة عدم الجنابة بمعارضتها بأصالة عدم الحدث الأصغر ، أمّا في هذا البحث فحيث إنّ أصالة عدم الأصغر غير جارية في حقّه ، بل كان الجاري في حقّه هو استصحاب الحدث الأصغر ، فلا مانع حينئذ من جريان أصالة عدم الجنابة في حقّه لكونه بلا معارض ، وهي حاكمة على استصحاب بقاء الكلّي وموجبة للحكم بارتفاعه ، لما عرفت من أنّه قدسسره بناؤه على كون السببية في باب الحدث شرعية ، فإنّ الحدث وإن كان موضوعاً لأحكام شرعية إلاّ أنه بنفسه حكم شرعي وضعي مترتّب على موضوعه ، فإنّ موضوع الأكبر منه هو الجنابة ، وموضوع الأصغر منه هو البول مثلاً ، فأصالة عدم الجنابة قاضية شرعاً بنفي الحكم الشرعي المرتّب عليها وهو الحدث الأكبر.
ولعلّ الوجه في عدم اعتماده قدسسره على ذلك في دفع الإشكال المزبور من جهة أنّه بناءً على الوجه الثالث والثاني يكون المستصحب هو الحدث الأصغر ، لعدم ارتفاعه بالوضوء لو كان قد وجد مع الأكبر ، ولا ريب أنّ أصالة عدم الأكبر حينئذ لا تنفع في رفع استصحاب الحدث الأصغر ، وإن نفعت في رفع استصحاب كلّي الحدث ، وسيأتي إن شاء الله تعالى توضيح ذلك (١).
نعم ، بناءً على ما قدّمناه في ذلك البحث من أنّ ترتّب الحدث الأكبر على الجنابة وإن كان شرعياً ، إلاّ أن ترتّب عدم بقاء الكلّي على عدم الحدث الأكبر ليس
__________________
(١) في الصفحة : ٣٤٣ ـ ٣٤٤.