فلما ورد كتاب الرشيد على الفضل وقد كتب الامان على مارسم يحيى ، و أشهد الشهود الذين التمسهم ، وجعل الامان على نسختين إحداهما مع يحيى والاخرى معه ، شخص يحيى مع الفضل حتى وافى بغداد ، ودخلها معاد له في عمارية على بغل ، فلما قدم يحيى أجازه الرشيد بجوائز سنية ، يقال إن مبلغها مائتا ألف دينار ، وغير ذلك من الخلع والحملان ، فأقام على ذلك مدة وفي نفسه الحيلة على يحيى ، والتتبع له ، وطلب العلل عليه وعلى أصحابه.
ثم إن نفرا من أهل الحجاز تحالفوا على السعاية بيحيى ، وهم : عبدالله بن مصعب الزبيري ، وأبوالبختري وهب بن وهب ، ورجل من بني زهرة ، ورجل من بني مخزوم ، فوافوا الرشيد لذلك ، واحتالوا إلى ان أمكنهم ذكره له ، وأشخصه الرشيد إليه وحبسه عند مسرور الكبير في سرداب ، فكان في أكثر الايام يدعوه ويناظره إلى أن مات في حبسه ، واختلف كيف كانت وفاته؟ فقيل؟ إنه دعاه يوما وجمع بينه وبين ابن مصعب ليناظره فيما رفع إليه فجبهه ابن مصعب بحضرة الرشيد وقال : إن هذا دعاني إلى بيعته.
فقال يحيى : يا أمير المؤمنين أتصدق هذا علي وتستنصحه؟ وهو ابن عبدالله ابن الزبير الذي أدخل أباك وولده الشعب ، وأضرم عليهم النار حتى تخلصهم أبو عبدالله الجدلي صاحب علي عليهالسلام ، وهو الذي بقي أربعين يوما لا يصلي على النبي صلىاللهعليهوآله في خطبته حتى التاث عليه الناس فقال : إن له أهل بيت سوء إذا ذكرته اشرأبت نفوسهم إليه ، وفرحوا بذلك ، فلا احب أن اقر أعينهم بذلك وهو الذي فعل بعبد الله بن العباس مالاخفاء به عليك ، وطال الكلام بينهما حتى قال يحيى : ومع ذلك هو الخارج مع أخي على أبيك وقال في ذلك أبياتا منها :
قوموا ببيعتكم ننهض بطاعتنا |
|
إن الخلافة فيكم يابني حسن (١) |
____________________
(١) والابيات المشار اليها هى :
ان الحمامة يوم الشعب من دثن |
|
هاجت فؤاد محب دائم الحزن |
انا لنأمل أن ترتد الفتنا |
|
بعد التدابر والبغضاء والاحن |