لم يزل ليلته قائما وراكعا وساجدا إلى أن انبلج له الفجر فكتب وانصرف (١).
اقول : لايبعد كونه الكاظم عليهالسلام ذهب وكتب لاتمام الحجة عليهم.
٢٦ ـ مقاتل الطالبيين (٢) بأسانيده ، عن جماعة أنهم قالوا : إن يحيى بن عبدالله بن الحسن لما قتل أصحاب فخ كان في قبلهم فاستتر مدة يجول في البلدان ويطلب موضعا يلجأ إليه ، وعلم الفضل بن يحيى بمكانه في بعض النواحي فأمره بالانتقال عنه ، وقصد الديلم وكتب له منشورا لايعرض له أحد ، فمضى متنكرا حتى ورد الديلم ، وبلغ الرشيد خبره وهو في بعض الطريق فولى الفضل بن يحيى نواحي المشرق وأمره بالخروج إلى يحيى ، فلما علم الفضل بمكان يحيى كتب إليه : إني اريد أن احدث بك عهدا ، وأخشى أن تبتلي بي وابتلى بك ، فكاتب صاحب الديلم فاني قد كاتبته لك لتدخل إلى بلاده فتمتنع به.
ففعل ذلك يحيى ، وكان صحبه جماعة من أهل الكوفة ، وفيهم الحسن بن صالح بن حي ، كان يذهب مذهب الزيدية البترية في تفضيل أبي بكر ، وعمر وعثمان في ست سنين من إمارته ، وتكفيره في باقي عمره ، ويشرب النبيذ ، ويمسح على الخفين ، فكان يخالف يحيى في أمره ، ويفسد أصحابه ، فحصل بينهما بذلك تنافر ، وولى الرشيد الفضل جميع كور المشرق وخراسان ، وأمره بقصد يحيى والجد به ، وبذل الامان والصلة له إن قبل ذلك.
فمضى الفضل فيمن ندب معه ، وراسل يحيى فأجابه إلى قبوله ، لما رأى من تفرق أصحابه وسوء رأيهم فيه ، وكثرة خلافهم عليه إلا أنه لم يرض الشرائط التي شرطت له ، ولا الشهود الذين شهدوا له ، وبعث الكتاب إلى الفضل فبعث به إلى الرشيد ، فكتب له على ما أراد وشهد له من التمس.
____________________
(١) مقتضب الاثر ص ٥٥ طبع المطبعة العلوية في النجف الاشرف سنة ١٣٤٦ هـ
(٢) مقاتل الطالبيين ، والحديث منثور في عدة صفحات يتخلله أحاديث متفرقة لاحظ ص ٤٦٥ إلى ص ٤٨٥.