مذبوحين مظلومين ، مأسورين مقيدين ، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصرا ولا معينا.
وفي رواية اخرى : قالت ام سلمة : وعندي تربة دفعها إلي جدك في قارورة ، فقال : والله إني مقتول كذلك وإن لم أخرج إلى العراق يقتلوني أيضا ثم أخذ تربة فجعلها في قارورة ، وأعطاها إياها ، وقال : اجعلها مع قارورة جدي فإذا فاضتا دما فاعلمي أني قد قتلت.
ثم قال المفيد : فسار الحسين إلى مكة وهو يقرأ « فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين » (١) ولزم الطريق الاعظم ، فقال له أهل بيته : لو تنكبت عن الطريق كما فعل ابن الزبير كيلا يلحقك الطلب ، فقال : لا والله لا افارقه حتى يقضي الله ما هو قاض ، ولما دخل الحسين عليهالسلام مكة ، كان دخوله إياها يوم الجمعة ، لثلاث مضين من شعبان ، دخلها وهو يقرأ « ولما توجه تلقاء مدين قال : عسى ربي أن يهديني سواء السبيل » (٢).
ثم نزلها وأقبل أهلها يختلفون إليه ، ومن كان بها من المعتمرين وأهل الآفاق وابن الزبير بها قد لزم جانب الكعبة ، وهو قائم يصلي عندها ويطوف ، ويأتي الحسين عليهالسلام فيمن يأتيه ، فيأتيه اليومين المتواليين ويأتيه بين كل يومين مرة وهو عليهالسلام أثقل خلق الله على ابن الزبير [ لانه ] قد عرف أن أهل الحجاز لا يبايعونه مادام الحسين في البلد وأن الحسين أطوع في الناس منه وأجل.
وبلغ أهل الكوفة هلاك معاوية ، فأرجفوا بيزيد وعرفوا خبر الحسين وامتناعه من بيعته : وما كان من أمر ابن الزبير في ذلك وخروجهما إلى مكة ، فاجتمعت الشيعة بالكوفة في منزل سليمان بن صرد الخزاعي فذكروا هلاك معاوية فحمدوا الله وأثنوا عليه ، فقال سليمان : إن معاوية قد هلك وإن حسينا قد نقض (٣) على القوم
____________________
(١) القصص : ١٨.
(٢) القصص : ٢٢.
(٣) في المصدر : تقبض : وهو الاظهر ، فانه عليهالسلام لم يبايع يزيد فيما سبق حين أخذ معاوية بيعة الناس بولاية عهده.