شيئا إلا وقد اوتيته ، غير أنك قد أبيت بشرفك وكرمك إلا أن تفضلني ، وقد سبق في ذلك قول الاول :
وكل كريم للكرام مفضل |
|
يراه له أهلا وإن كان فاضلا |
وأما ما ذكرت من عدوي عليك بصفين ، فوالله لو لم أفعل ذلك لكنت من ألام العالمين ، أكانت نفسك تحدثك يا معاوية أني أخذل ابن عمي أمير المؤمنين وسيد المسلمين ، وقد حشد له المهاجرون والانصار ، والمصطفون الاخيار ، لم يا معاوية؟ أشك في ديني أم حيرة في سجيتي أم ضن بنفسي.
وأما ما ذكرت من خذلان عثمان ، فقد خذله من كان أمس رحما به مني ولي في الاقربين والابعدين اسوة ، وإني لم اعد عليه فيمن عدا ، بل كففت عنه كما كف أهل المروعات والحجى.
وأما ما ذكرت من سعيي على عائشة ، فان الله تبارك وتعالى أمرها أن تقر في بيتها وتحتجب بسترها ، فلما كشفت جلباب الحياء ، وخالفت نبيها (ص) وسعنا ما كان منا إليها.
وأما ما ذكرت من نفي زياد ، فاني لم أنفه بل نفاه رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ قال : « الولد للفراش وللعاهر الحجر » وإني من بعد هذا لاحب ما سرك في جميع امورك.
فتكلم عمرو بن العاص فقال : يا أمير المؤمنين والله ما أحبك ساعة قط غير أنه قد اعطي لسانا ذربا يقلبه كيف شاء وإن مثلك ومثله كما قال الاول ، وذكر بيت شعر ، فقال ابن عباس : إن عمرا داخل بين العظم واللحم ، والعصا واللحا (١) وقد تكلم فليستمع ، فقد وافق قرنا.
____________________
(١) مثل يضرب لمن يدخل بين المتخالين المتصافيين ، ويسعى بينهما ، فانه لا يأتى بشئ البتة ، فاللحم ملتصق بالعظم لا يدخل بينهما شئ كما أن اللحا وهو قشر العصا ملتصق به لا يدخل بينهما شئ ، راجع الصحاح ص ٢٤٨٠ ، مجمع الامثال ج ٢ ص ٢٣١ : الرقم ٣٥٩٤.