عني زيادا فيمن نفى ، فضربت أنف هذا الامر وعينه حتى استخرجت عذرك من كتاب الله عزوجل وقول الشعراء.
أما ما وافق كتاب الله عزوجل فقوله « خلطوا عملا صالحا آخر سيئا » (١) وأما ما قالت الشعراء فقول اخي بني دينار :
ولست بمستبق أخا لا تلمه |
|
على شعث اي الرجال المهذب |
فاعلم أني قد قبلت فيك الاربع الاولى ، وغفرت لك الاربع الاخرى وكنت في ذلك كما قال الاول :
سأقبل ممن قد أحب جميله |
|
وأغفرما قد كان من غير ذلكا |
ثم أنصت ، فتكلم ابن عباس فقال بعد حمد الله والثناء عليه : أما ما ذكرت أنك تحبني لقرابتي من رسول الله صلىاللهعليهوآله فذلك الواجب عليك وعلى كل مسلم آمن بالله ورسوله ، لانه الاجر الذي سألكم رسول الله صلىاللهعليهوآله على ما آتاكم به من الضياء والبرهان المبين ، فقال عزوجل « قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » (٢) فمن لم يجب رسول الله (ص) إلى ما سأله خاب وخزي وكبا في جهنم.
وأما ما ذكرت أني رجل من اسرتك وأهل بيتك ، فذلك كذلك وإنما أردت به صلة الرحم ولعمري إنك اليوم وصول معما (٣) قد كان منك مما لا تثريب عليك فيه اليوم.
وأما قولك : إن أبي كان خلا لابيك ، فقد كان ذلك ، وقد سبق فيه قول الاول :
سأحفظ من آخى أبي في حياته |
|
وأحفظه من بعده في الاقارب |
ولست لمن لا يحفظ العهد وامقا |
|
ولا هو عند النائبات بصاحبي |
وأما ما ذكرت أني لسان قريش وزعيمها وفقيهها ، فإني لم اعط من ذلك
____________________
(١) براءة : ١٠٢.
(٢) الشورى : ٢٣.
(٣) في الاصل ونسخة كمبانى : « مما » وما جعلناه في الصلب أظهر.