فقرصه قرصا (١) فورمت يده منه ، وكان فيه حتفه ، قتله الله تعالى بأهون خلقه كما قتل نمرود بن كنعان بالبقة.
ومنها أن الحجاج كان إذا رأى خنفساء أمر بإبعادها وقال : هذه وذحة من وذح الشيطان ، تشبيها لها بالبعرة المتعلقة بذنب الشاة.
ومنها أنه رأى خنفساوات مجتمعات فقال : واعجبا لمن يقول : إن الله خلقها؟ قيل : فمن خلقها أيها الامير؟ قال : الشيطان ، إن ربكم لاعظم شأنا من أن يخلق هذه الوذح! فنقل قوله إلى الفقهاء فأكفروه.
ومنها أن الحجاج كان مثفارا أي ذا ابنة ، وكان يمسك الخنفساء حية ليشفي بحركتها الموضع! قالوا : ولا يكون صاحب هذا الداء إلا مبغضا لاهل البيت عليهمالسلام قالوا : ولسنا نقول كل مبغض فيه هذا الداء ، بل كل من فيه هذا الداء فهو مبغض. قالوا : وقد روى ابن عمر الزاهد ـ ولم يكن من رجال الشيعة ـ في أماليه وأحاديثه عن السياري عن أبي خزيمة الكاتب قال : ما فتشنا أحدا فيه هذا الداء إلا وجدناه ناصبا ، قالوا : سئل جعفر بن محمد الصادق عن هذه الصنف من الناس فقال : رحم منكوسة يؤتى ولا يأتي ، وما كانت هذه الخصلة في ولي الله تعالى أبدا قط ، وإنما كان في الفساق والكفار والناصب للطاهرين ، وكان أبوجهل بن هشام المخزومي من القوم ، وكان أشد الناس عداوة لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، قالوا : ولذلك قال له عتبة بن ربيعة يوم بدر : « يا مصفر استه » ويغلب على ظني أنه معنى آخر وذلك أن عادة العرب أن يكني الانسان إذا أرادت تعظيمه بما هو مظنة التعظيم ، وإذا أرادت تحقيره بما يستحقر ويستهان به ، كقولهم في كنية يزيد بن معاوية « أبوزنة » يغنون القرد كقول ابن بسام ، « أبوالنتن أبوالدفر أبوالجعر أبوالبعر » (٢) فلنجاسته بالذنوب والمعاصي كناه أمير المؤمنين عليهالسلام أبا وذحة ، ويمكن أن يكنيه بذلك
____________________
(١) قرص لحمه : اخذه ولوى عليه باصبعه فآلمه.
(٢) قاله ابن بسام لبعض الرؤساء يهجوه ، وأوله « لئيم درن الثوب نظيف القعب والقدر » والدفر : النتن ، والجعر : نجو السبع.