فقال : ما أنا وأنت فيه إلابمنزلة رجل من المسلمين ، وكانا يتكلمان فوق قصر الامارة مشرفين على صناديق أهل السوق فقال له علي : إن أبيت يا با يزيد ما أقول فانزل إلى بعض هذه الصناديق فاكسر أقفاله وخذ ما فيه ، فقال : وما في هذه الصناديق؟ قال : فيها أموال التجار ، قال : أتأمرني أن أكسر صناديق قدم قد توكلوا على الله وجعلوا فيها أموالهم؟ فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : أتأمرني أن أفتح بيت مال المسلمين فاعطيك أموالهم وقد توكلوا على الله وأقفلوا عليها؟ وإن شئت أخذت سيفك وأخذت سيفي وخرجنا جميعا إلى الحيرة ، فإن بها تجارا مياسير ، فدخلنا على بعضهم فأخذنا ماله ، فقال : أوسارقا جئت؟ قال : تسرق من واحد خير من أن تسرق عن المسلمين جميعا ، قال له : أفتأذن لي أن أخرج إلى معاوية؟ فقال له : قد أذنت لك ، قال : فأعني على سفري هذا ، فقال : يا حسن أعط عمك أربعمائة درهم ، فخرج عقيل وهو يقول :
يغنيني الذي أغناك عني |
|
ويقضي ديننا رب قريب |
وذكر عمرو بن علاء (١) أن عقيلا لما سأل عطاءه من بيت المال قال له أميرالمؤمنين عيه السلام : تقيم إلى يوم الجمعة ، فأقام فلما صلى أمير المؤمنين الجمعة قال لعقيل : ما تقول فيمن خان هؤلاء أجمعين؟ قال : بئس الرجل ذاك ، قال : فأنت تأمرني أن أخوان هؤلاء وأعطيك.
ومن خطبة له عليهالسلام : ولقد رأيت عقيلا وقد أملق (٢) حتى استماحني من بركم صاعا. وعاودني في عشر وسق من شعيركم يقضمه (٣) جياعه ، وكاد يطوي ثالث أيامه خامصا ما استطاعه ، ولقد رأيت أطفاله شعث الالوان من ضرهم كأنما اشمأزت وجوههم من قرهم (٤). فلما عاودني في قوله وكر ره أصغيت إليه سمعي.
____________________
(١) في المصدر : عمرو بن عاد.
(٢) أملق : انفق ماله حتى افتقر. أملق الدهر ماله : أذهبه وأخرجه من يده.
(٣) قضمه : كسرء بأطراف أسنانه فأكله.
(٤) القر ـ بضم القاف ـ البرد.