منه ، وأنزل فلانا منزلة فلان الذي أوصيتك به وأجره مجراه فإن ذلك يجب له من أرش جناية أو قيمة سلعة (١) أو ميراث أو غير ذلك » لوجب على الوصي أن يسوي بينهما في العطية ولا يخالف بينهما فيها من حيث اختلفت جهة استحقاقهما ، ولا يكون قول هذا القائل عند أحد من العقلاء يقتضي سلب المعطى الثاني العطية من حيث سلب جهة استحقاقها في الاول فوجب بما ذكرناه أن يكون منزلة هارون من موسى في استحقاق خلافته له بعد وفاته ثابتة لامير المؤمنين عليهالسلام لاقتضاء اللفظ هنا ، وإن كانت تجب لهارون من حيث كان في انتقائها تنفير تمنع نبوته ويجب لامير المؤمنين عليهالسلام من غير هذا الوجه.
ويزيد ما ذكرناه وضوحا أن النبي صلىاللهعليهوآله لو صرح به حتى يقول صلىاللهعليهوآله : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى في خلافته له في حياته واستحقاقها له لو بقي إلى بعد وفاته إلا أنك لست بنبي » كان كلامه صلىاللهعليهوآله صحيحا غير متناقض ولا خارج عن الحقيقة ، ولم يجب عند أحد أن يكون باستثناء النبوة نافيا لما أثبته من منزلة الخلافة بعد الوفاة ، وقد يمكن مع ثبوت هذه الجملة أن يرتب الدليل في الاصل على وجه يجب معه كون هارون مفترض الطاعة على امة موسى عليهالسلام لو بقي إلى بعد وفاته وثبوت مثل هذه المنزلة لامير المؤمنين عليهالسلام وإن لم يرجع إلى كونه خليفة له في حال حياته ووجوب استمرار ذلك إلى بعد الوفاة ، فإن في المخالفين من يحمل نفسه على دفع خلافة هارون لموسى في حياته ، وإنكار كونها منزلة تفضل عن نبوته (٢) ، وإن كان فيما حمل عليه نفسه ظاهره المكابرة (٣) ، ونقول (٤) : قد ثبت أن هارون كان مفترض الطاعة على امة موسى لمكان
____________________
(١) السلعة ـ بكسر السين ـ : المتاع وما يتاجر به. وفى المصدر : أو قيمة متلفه.
(٢) في المصدر : تنفصل عن نبوته. وحاصله أن الخصم يدعى أن الثابت لهارون هو النبوة فقط ، وليست الخلافة أمرا آخر ، فاذا نفى النبي صلىاللهعليهوآله كون أمير المؤمنين نبيا فينتفى خلافته ايضا لعدم الفصل بينهما.
(٣) وجه المكابرة أن النبوة والخلافة امران مستقلان ، كيف لا وقد قال موسى عليهالسلام لهارون عند خروجه من المدينة على ما حكاه الله تعالى في القرآن : « اخلفنى في قومى » مع أن نبوته كان ثابتا قبلا.
(٤) هذا بيان ترتيب الدليل على الوجه المذكور.