لكون المراد بالمولى ما يفيد الامامة الكبرى والخلافة العظمى ، لاسيما مع انضمام ما جرت به عادة الانبياء عليهمالسلام والسلاطين والامراء من استخلافهم عند قرب وفاتهم ، وهل يريب عاقل في أن نزول النبي صلىاللهعليهوآله في زمان ومكان لم يكن نزول المسافر متعارفا فيهما ـ حيث كان الهواء على ما روي في غاية الحرارة حتى كان الرجل يستظل بدابته ويضع الرداء تحت قدميه من شدة الرمضاء (١) ، والمكان مملوءا من الاشواك ـ ثم صعوده على الاقتاب والدعاء لامير المؤمنين علي عليهالسلام على وجه يناسب شأن الملوك والخلفاء وولاة العهد لم يكن (٢) إلا لنزول الوحي الايجابي الفوري في ذلك الوقت لاستدراك أمر عظيم الشأن جليل القدر وهو استخلافه والامر بوجوب طاعته؟.
المسلك السابع نقول : يكفي في القرينة على إرادة الامامة من المولى فهم من حضر ذلك المكان وسمع هذا الكلام ، هذا المعنى (٣) ، كحسان حيث نظمه في أشعاره المتواترة ، وغيره من شعراء الصحابة والتابعين وغيرهم (٤) ، وكالحارث بن النعمان الفهري كما مر عن الثعلبي وغيره أنه هكذا فهم الخطاب حيث سمعه ، وغيرهم من الصحابة والتابعين على ما مر بيانه في ضمن الاخبار ، ولنعم ما قال الغزالي في كتاب سر العالمين في مقالته الرابعة التي وضعها لتحقيق أمر الخلافة بعد عدة من الابحاث وذكر الاختلاف : لكن أسفرت الحجة وجهها (٥) وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته صلىاللهعليهوآله في يوم غدير خم باتفاق الجميع وهو يقول : « من كنت مولاه فعلي مولاه » فقال عمر : « بخ بخ لك يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة » فهذا تسليم ورضى وتحكيم ،
____________________
(١) الرمضاء : شدة الحر.
(٢) خبر أن
(٣) مفعول فهم.
(٤) وعليك بكتاب « الغدير » فقد أتى فيه مؤلفه المعظم بكل شعر قيل في هذا المعنى مع ترجمة قائله ، مع علمنا بأن ما قيل أقل قليل مما لم يقل إما لكتمان الاحباء خوفا وفزعا وإما لانكار الاعداء حسدا وطمعا ، ومع علمنا ايضا بأن ما وصل بأيدينا أقل قليل مما لم يصل للحوادث الواقعة كاحراق المكتبات وغيره.
(٥) أسفر : كشف عن وجهه.