لانها عبارة عن ذلك بعينه ، إذ كان لا يجوز في اللغة غير ذلك ، ألا ترى أن قائلا لو قال لجماعة : أليس هذا المتاع بيننا نبيعه ونقتسم الربح والوضيعة فيه؟ فقالوا له : نعم ، فقال : فمن كنت شريكه فزيد شريكه كان كلاما صحيحا؟ والعلة في ذلك أن الشركة هي عبارة عن معنى قول القائل : هذا المتاع بيننا نقتسم الربح والوضيعة ، فلذلك صح بعد قول القائل : فمن كنت شريكه فزيد شريكه ، وكذا صح بعد قول النبي صلىاللهعليهوآله : « ألست أولى بكم من أنفسكم » ، « فمن كنت مولاه فعلي مولاه » لان مولاه عبارة عن قوله : « ألست أولى بكم من أنفسكم » وإلا فمتى لم تكن اللفظة التي جاءت مع الفاء الاولى عبارة عن المعنى الاول لم يكن الكلام منتظما أبدا ولا مفهوما ولا صوابا ، بل يكون داخلا في الهذيان ، ومن أضاف ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله كفر بالله العظيم ، وإذا كانت لفظة « فمن كنت مولاه » تدل على « من كنت أولى به من نفسه » على ما أريناه وقد جعلها بعينها لعلي عليهالسلام فقد جعل أن يكون علي عليهالسلام أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وذلك هو الطاعة لعلي عليهالسلام كما بينا بدءا.
ومما يزيد ذلك بيانا أن قوله صلىاللهعليهوآله : « فمن كنت مولاه فعلي مولاه » لو كان لم يرد بهذا أنه أولى بكم من أنفسكم جاز أن يكون لم يرد بقوله : « فمن كنت مولاه » أي من كنت أولى به من نفسه ، وإن جاز ذلك لزم الكلام الذي من قبل هذا أنه يكون كلاما مختلفا (١) فاسدا غير منتظم ولا مفهم معنى ولا مما يلفظ به حكيم ولا عاقل ، فقد لزم بما مر من كلامنا وبينا أن معنى قول النبي صلىاللهعليهوآله « ألست أولى بكم من أنفسكم » أنه يملك طاعتهم ، ولزم أن قوله صلىاللهعليهوآله : « فمن كنت مولاه » إنما أراد به : فمن كنت أملك طاعته ، فعلي عليهالسلام يملك طاعته بقوله : « فعلي مولاه » وهذا واضح ، والحمد لله على معونته وتوفيقه (٢).
بيان : قال الجوهري : المولى : المعتق والمعتق وابن العم والناصر والجار (٣) وكل من ولي أمر واحد فهو وليه ، وقول الشاعر :
____________________
(١) في المصدر : من أنه يكون كلاما مختلطا اه.
(٢) معانى الاخبار : ٦٧ ـ ٧٤.
(٣) في المصدر بعد ذلك : والولى : الصهر.