ثم طحنت الصاع وخبزته ، وأتى أسير عند المساء فأعطوه (١) ، وكان مضى على رسول الله أربعة أيام والحجر على بطنه وقد علم بحالهم ، فخرج ودخل حديقة المقداد ولم يبق على نخلاتها ثمرة ، (٢) ومعه علي ، فقال : يا أبا الحسن خذ السلة وانطلق إلى النخلة ـ وأشار إلى واحدة ـ فقل لها : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : سألتك عن الله أطعمينا من ثمرك (٣) قال علي عليهالسلام : ولقد تطأطأت بحمل (٤) ما نظر الناظرون إلى مثلها ، والتقطت من أطائبها وحملت (٥) إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فأكل وأكلت ، فأطعم المقداد وجميع عياله ، وحمل إلى الحسن والحسين وفاطمة عليهمالسلام ما كفاهم ، فلما بلغ المنزل إذا فاطمة عليهاالسلام يأخذها الصداع ، فقال صلىاللهعليهوآله : أبشري واصبري فلن تنالي ما عند الله إلا بالصبر ، فنزل جبرئيل بهل أتى (٦).
٥ ـ كشف : روى الواحدي في تفسيره أن عليا عليهالسلام آجر نفسه ليلة إلى الصبح يسقي نخلا بشئ من شعير ، فلما قبضه طحن ثلثه واتخذوا منه طعاما ، فلماتم (٧) أتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام ، وعملوا الثلث الثاني فأتاهم يتيم فأخرجوه إليه ، وعملوا الثلث الثالث فأتاهم أسير فأخرجوا الطعام إليه وطوى (٨) علي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام وعلم الله حسن مقصدهم وصدق نياتهم وأنهم إنما أرادوا بما فعلوه وجهه ، وطلبوا بما أتوا (٩) ما عنده والتمسوا الجزاء منه عزوجل ، فأنزل الله فيهم قرآنا ، وأولاهم
____________________
(١) في المصدر : فأعطوه ولم يذوقوا الا الماء.
(٢) في المصدر : تمرة.
(٣) في المصدر : سألتك بالله لما اطعمينا من تمرك.
(٤) تطأطأ : انخفض. والحمل ـ بكسر الحاء ـ ما يحمل.
(٥) في المصدر : فحملت.
(٦) الخرائج والجرائح : ٨٢.
(٧) أى حضر.
(٨) طول الرجل : تعمد الجوع وقصده.
(٩) في المصدر : بما أتوه.