عليه وآله بهم وبقتاله عليهالسلام معهم.
كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (١). الظاهر رجوع ضمير الجمع (٢) إلى الخلفاء الثلاثة لا إلى الطوائف ـ كما توهم (٣) ـ إذ الغرض من الخطبة ذكرهم لا الطوائف ، وهو المناسب لما بعد الآية ، لا سيما ضمير الجمع في سمعوها ووعوها (٤). والغرض تشبيههم في الإعراض عن الآخرة والإقبال على الدنيا وزخارفها للأغراض الفاسدة بمن أعرض عن نعيم الآخرة لعدم سماع الآية وشرائط الفوز بثوابها ، والمشار إليها في الآية هي الجنة ، والإشارة للتعظيم .. أي تلك الدار التي بلغك وصفها.
والعلو : هو التكبر (٥) على عباد الله والغلبة عليهم ، والاستكبار عن العبادة.
والفساد : الدعاء إلى عبادة غير الله ، أو أخذ المال وقتل النفس بغير حق ، أو العمل بالمعاصي والظلم على الناس ، والآية لما كانت بعد قصة قارون وقبله قصة فرعون فقيل إن العلو إشارة إلى كفر فرعون ، لقوله تعالى فيه (٦) : ( عَلا فِي الْأَرْضِ ) (٧) والفساد إلى بغي قارون لقوله تعالى : ( وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ ) (٨) ففي كلامه عليهالسلام يحتمل كون الأول إشارة إلى
__________________
العرب ٧ ـ ٣٧٨ ، وتاج العروس ٥ ـ ٢٠٦.
(١) القصص : ٨٣.
(٢) أي قوله عليهالسلام : لم يسمعوا ..
(٣) قال ابن ميثم في شرحه على نهج البلاغة ١ ـ ٢٦٦ : تنبيه لأذهان الطوائف الثلاث المذكورة [ أي الناكثين والقاسطين والمارقين ] ومن عساه يتخيل أن الحق في سلوك مسالكهم .. إلى آخره. ونظيره في شرح ابن أبي الحديد.
(٤) في ( ك ) : ودعوها ، وهو غلط ، لما سيأتي.
(٥) كما نصت عليه كتب اللغة. انظر : مجمع البحرين ١ ـ ٣٠٢ ، والصحاح ٦ ـ ٢٤٣٥ ، وغيرهما.
(٦) لا توجد في (س) : فيه.
(٧) القصص : ٤.
(٨) القصص : ٧٧.