وقد أجاب أبو عثمان الجاحظ (١) في كتاب العباسية (٢) عن هذا السؤال جوابا جيد المعنى واللفظ ، نحن نذكره على وجهه ليقابل بينه وبين كلامه في العثمانية وغيرها ، قال : وقد زعم ناس أن الدليل على صدق خبرهما ـ يعني أبا بكر وعمر في منع الميراث وبراءة ساحتهما ترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم النكير عليهما ، ثم قال : فيقال لهم (٣) : لئن كان ترك النكير دليلا على صدقهما ليكونن ترك النكير على المتظلمين منهما والمحتجبين عليهما والمطالبين لهما بدليل (٤) دليلا على صدق دعواهم ، واستحسان (٥) مقالتهم ، لا سيما وقد طالت المشاحات (٦) ، وكثرت المراجعة والملاحات (٧) ، وظهرت الشكيمة (٨) ، واشتدت الموجدة ، وقد بلغ ذلك من فاطمة عليهاالسلام حتى أنها أوصت أن لا يصلي عليها أبو بكر ، وقد كانت قالت له حين أتته طالبة بحقها ، ومحتجة برهطها (٩) : من يرثك يا أبا بكر إذا مت؟ قال : أهلي وولدي. قالت : فما بالنا لا نرث النبي صلى الله عليه [ وآله ]؟! فلما منعها ميراثها ، وبخسها حقها ، واعتل
__________________
(١) لا توجد كلمة : الجاحظ في (س).
(٢) هذا كلام السيد المرتضى حكاه عن الجاحظ ، وقد حكاه أيضا الشيخ عبد الحميد بن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة ١٦ ـ ٢٦٣ ـ ٢٦٧ ، والعلامة الأميني في غديره ٧ ـ ٢٢٩ ـ ٢٣١ عن رسائل الجاحظ : ٣٠٠ بتصرف واختلاف كثير تعرضنا له إجمالا.
(٣) كذا في المتن والمصدر ، إلا أنه في شرح النهج : قد يقال ، وفي الغدير عن رسائل الجاحظ : قد يقال لهم
(٤) لا توجد في المصدر : بدليل.
(٥) في شرح النهج : لهما دليلا ... أو استحسان ..
(٦) في شرح النهج والغدير عن رسائل الجاحظ : المناجاة ، وفي بقية المصادر : المحاجات ، وهو الظاهر.
(٧) كذا ، والظاهر : الملاحاة.
(٨) وفي شرح النهج والمصادر : الشكية. قال في القاموس ٤ ـ ١٣٦ : والشكيمة : الأنفة والانتصار من الظلم.
(٩) في شرح نهج البلاغة : لرهطها ، وما هنا جاء في الشافي.