فاطمة عليهاالسلام.
قيل : هذا لا يصح على مذهبكم ، لان مشاورته لا تجب عليهم ، وعقد الامامة يتم بمن عقدها ولا يفتقر في صحته وتمامه إلى حضوره عليهالسلام ، وما تدعونه من خوف الفتنة فهو عليهالسلام كان أعلم به وأخوف له ، فكيف يتأخر عليهالسلام عما يجب عليه من أجل أنهم لم يفعلوا ما لا يجب عليهم ، وكيف يستوحش ممن عدل عن مشاورته وهى غير واجبة عندهم في حال السلم والامن ، وهل هذا إلا سوء ثناء على أمير المؤمنين عليهالسلام ونسبة له إلى ما يتنزه قدره ودينه عنه.
فان قيل : إن هذا يجري مجرى امرأة لها إخوة كبار وصغار ، فتولى امرها الصغار في التزويج فانه لابد أن يستوحش الكبار من ذلك.
قيل له : إن الكبير متى كان دينا خائفا من الله تعالى فان استيحاشه وثقل ما يجرى على طبعه لا يجوز أن يبلغ به إلى إظهار الكراهة للعقد والخلاف فيه ، وإبهام أنه غير ممضى ولا صواب ، وكل هذا جرى من أمير المؤمنين عليهالسلام فكيف يضاف إليه ـ مع المعلوم من خشونة أمير المؤمنين في الدين وغضبه له (١) الاستيحاش من الحق والغضب مما يورد إليه تحرزا عن الفتنة وتلافيا للفرقة؟
وأما الاشتغال بالنبى صلىاللهعليهوآله فانه كان ساعة من نهار والتأخر كان شهورا والمقلل قال أياما ، وتلك الساعة أيضا كان يمكن فيها اظهار الرضا والمراسلة به بدلا من إظهار السخط والخلاف.
وأما فاطمة عليهاالسلام فانها توفيت بعد أشهر ، فكيف يشتغل بوفاتها عن البيعة المتقدمة مع تراخيها ، وعندهم أيضا أنه تأخر عن البيعة أياما يسيرة ، ومكثرهم يقول أربعين يوما ، فكيف يشتغل ما يكون بعد أشهر عما كان قبلها ، ومن أدل دليل على أن كفه عن النكير واظهار الرضا لم يكن اختيارا وإيثارا ، بل كان لبعض
____________________
(١) في المصدر المطبوع : « الا كراهية للواجب والاستيحاش من الحق والغضب مما يورد اليه .. » وفى هامش الشافى كالاستدراك ، « الا كراهية للواجب والاستيحاش من الحق ، والاستيحاش من الحق والغضب. » وكلاهما سهو ظاهر عند التأمل.