يا سيدهم ومولاهم! ماذا دهاك؟ فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه! فقال لهم : فعل هذا النبى فعلا إن تم لم يعص الله أبدا ، فقالوا : يا سيدهم أنت كنت لادم.
فلما قال المنافقون : إنه ينطق عن الهوى ، وقال أحدهما لصاحبه : أما ترى عينيه تدوران في رأسه كأنه مجنون ، يعنون رسول الله صلىاللهعليهوآله صرخ إبليس صرخة يطرب فجمع أولياءه فقال : أما علمتم أني كنت لادم من قبل؟ قالوا : نعم ، قال : آدم نقض العهد ولم يكفر بالرب وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا بالرسول صلىاللهعليهوآله.
فلما قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله وأقام الناس غير علي لبس إبليس تاج الملك و نصب منبرا وقعد في الزينة ، وجمع خيله ورجله ، ثم قال لهم : اطربوا لا يطاع الله حتى يقوم إمام ، وتلا أبوجعفر عليهالسلام « ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين » قال أبوجعفر عليهالسلام : كان تأويل هذه الاية لما قبض رسول الله (ص) ، والظن من إبليس حين قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوآله : إنه ينطق عن الهوى فظن بهم إبليس ظنا فصدقوا ظنه(١).
توضيح
قوله : « يا سيدهم » أي قالوا يا سيدنا ومولانا ، وإنما غيره لئلا يوهم انصرافه إليه ، وهذا شايع في كلام البلغاء في نقل أمر لا يرضي القائل لنفسه ، كقوله تعالى : « أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين » قوله : « ما ذادهاك » يقال : دهاه إذا أصابته داهية ، قوله : « أحدهما لصاحبه » يعنى أبابكر وعمر ، قوله : في الزينة في بعض النسخ الوثبة أي الوسادة.
٤١ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن حديد ، عن جميل ابن دراج ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهماالسلام قال : أصبح رسول الله (ص) يوما كئيبا حزينا فقال له علي عليهالسلام : مالى أراك يا رسول الله كئيبا حزينا؟ فقال : وكيف لا أكون كذلك ، وقد رأيت في ليلتي هذه أن بني تيم وبني عدي وبني امية يصعدون
____________________
(١) الكافى ٨ / ٣٤٤ ، والاية في سورة سبأ : ٢٠.