فلما سمع بذلك عمر أخبر به أبابكر ومضيا مسرعين إلى السقيفة ومعهما أبوعبيدة ابن الجراح ، وفى السقيفة خلق كثير من الانصار وسعد بن عبادة بينهم مريض ، فتنازعوا الامر بينهم.
فآل الامر إلى أن قال أبوبكر في آخر كلامه للانصار : إنما أدعوكم إلى أبى عبيدة بن الجراح أو إلى عمر ، وكلاهما قد رضيت لهذا الامر ، وكلاهما أراه له أهلا ، فقال عمر وأبوعبيدة : ما ينبغى لنا أن نتقدمك يا أبابكر أنت أقدمنا إسلاما وأنت صاحب الغار وثانى اثنين ، فأنت أحق بهذا الامر وأولانا به ، فقالت الانصار نحذر أن يغلب على هذا الامر من ليس منا ولا منكم ، فنجعل منا أميرا ومنكم أميرا ، ونرضى به على أنه إن هلك اخترنا آخر من الانصار.
فقال أبوبكر بعد أن مدح المهاجرين : وأنتم معاشر. الانصار ممن لا ينكر فضلهم ، ولا نعمتهم العظيمة في الاسلام ، رضيكم الله أنصارا لدينه ولرسوله ، و
____________________
أصدقائه ، حتى عيرهم الله عزوجل بقوله هذا « وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل » الاية ، أو لعلك ترى أن الاية نزلت وصرخت في صماخ الفارين عن زحف أحد وهو منهم ، لكنه لم يلتفت بذلك حتى تلاه أبوبكر عليه يوم وفات الرسول صلىاللهعليهوآله؟ ولقد اعترف بذلك ابن أبي الحديد في شرحه ج ١ ص ١٢٩ حيث قال : ان عمر كان أجل قدرا من أن يعتقد ما ظهر منه في هذه الواقعة [ يعنى نكيره موت الرسول حتى أنه كان يقول ( ج ١ ص ١٣٠ نفس المصدر ) وهكذا مرآت الجنان لليافعى ١ / ٥٩ نقلا عن الترمذى في كتاب الشمائل لا أسمع رجلا يقول مات رسول الله الا ضربته بسيفى ] ولكنه لما علم أن رسول الله قد مات ، خاف من وقع فتنة في الامامة وتغلب أقوام عليها اما من الانصار او غيرهم إلى آخر ما سيجئ من كلامه في محله ، لكن يبقى عليه أنه كيف سكت بعد مجيئ أبى بكر؟ أهو الذي كان منصوصا عليه بالولاية من بعد الرسول حتى يكون حضوره مانعا للفتنة في الامامة؟ نعم قد كانوا تعاقدوا فيما بينهم عقدا وكان ينتظر مجيئ شيخهم وقدوتهم ، وبعد ما جاء أبوبكر وحضر أبوعبيدة بن الجراح ، انطلقوا إلى سقيفة بنى ساعدة.