قال الفتى : فاني اقسم بالله حقا حقا أني لا أزال لهم مبغضا ، وإلى الله منهم ومن أفعالهم متبرئا ، ولا زلت لامير المؤمنين عليهالسلام متواليا ولاعاديه معاديا ، ولا لحقن به وإني لاؤمل أن ارزق الشهادة معه وشيكا إنشاء الله تعالى.
ثم ودع حذيفة وقال : هذا وجهى إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فخرج إلى المدينة واستقبله وقد شخص من المدينة يريد العراق ، فسار معه إلى البصرة ، فلما التقى أمير المؤمنين عليهالسلام مع أصحاب الجمل كان ذلك الفتى أول من قتل من أصحاب أمير المؤمنين وذلك أنه لما صاف القوم واجتمعوا على الحرب أحب أمير المؤمنين عليهالسلام أن يستظهر عليهم بدعائهم إلى القرآن ، وحكمه ، فدعا بمصحف و قال : من يأخذ هذا المصحف يعرضه عليهم ويدعوهم إلى ما فيه فيحيى ما أحياه ، ويميت ما أماته؟ قال : وقد شرعت الرماح بين العسكرين حتى لو أراد امرؤ أن يمشي عليها لمشى ، قال فقام الفتى فقال : يا أمير المؤمنين أنا آخذه وأعرضه عليهم وأدعوهم إلى ما فيه ، قال : فأعرض عنه أمير المؤمين عليهالسلام ثم نادى الثانية من يأخذ هذا المصحف فيعرضه عليهم ويدعوهم إلى ما فيه؟ فلم يقم إليه أحد ، فقام الفتى وقال : يا أمير المؤمنين أنا آخذه وأعرضه عليهم وأدعوهم إلى مافيه ، قال : فأعرض عنه أمير المؤمنين عليه اسلام ثم نادى الثالثة فلم يقم إليه أحد من الناس إلا الفتى وقال : أنا آخذه وأعرضه عليهم ، وأدعوهم إلى ما فيه ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : إنك إن فعلت ذلك فانك لمقتول؟ فقال : والله يا أمير المؤمنين عليهالسلام ما شئ أحب إلى من أن ارزق الشهادة بين يديك ، وأن اقتل في طاعتك ، فأعطاه أمير المؤمنين عليهالسلام المصحف ، فتوجه به نحو عسكرهم فنظر إليه أمير المؤمنين عليهالسلام وقال : إن الفتى ممن حشى الله قلبه نورا وإيمانا ، وهو مقتول ، ولقد أشفقت عليه من ذلك ، ولن يفلح القوم بعد قتلهم إياه.
فمضى الفتى بالمصحف حتى وقف بازاء عسكر عائشة وطلحة والزبير حيئنذ عن يمين الهودج وشماله ، وكان له صوت فنادى بأعلا صوته : معاشر الناس هذا كتاب الله فان أمير المؤمننين يدعوكم إلى كتاب الله والحكم بما أنزل الله فيه ، فأنيبوا