أيها الناس إنى قد جاءني من أمر ربي ما الناس اليه صائرون ، وإني قد تركتكم على الحجة الواضحة ليلها كنهارها ، فلا تختلفوا من بعدي كما اختلف من كان قبلكم من بني اسرائيل أيها الناس إنه لا أحل لكم إلا ما أحله القرآن ، ولا احرم عليكم إلا ما حرمه القرآن ، وإني مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ولن تزلوا : كتاب الله وعترتى أهل بيتي هما الخليفتان فيكم ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض ، فأسائلكم بما ذا خلفتموني فيهما؟ وليذادن يومئذ رجال عن حوضى كما تذاد الغريبة من الابل ، فتقول رجال أنا فلان وأنا فلان ، فأقول أما الاسماء فقد عرفت ولكنكم ارتددتم من بعدي ، فسحقا لكم سحقا.
ثم نزل عن المنبر وعاد إلى حجرته ، ولم يظهر أبوبكر ولا أصحابه حتى قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وكان من الانصار وسعد من السقيفة ماكان ، فمنعوا أهل بيت نبيهم حقوقهم التي جعلها الله عزوجل لهم ، وأما كتاب الله فمزقوه كل ممزق ، وفيما أخبرتك يا أخا الانصار من خطب معتبر ، لمن أحب الله هدايته فقال الفتى : سم لي القوم الاخرين الذين حضروا الصحيفة ، وشهدوا فيها ، فقال حذيفة : أبوسفيان ، وعكرمة بن أبى جهل ، وصفوان بن امية بن خلف ، و سعيد بن العاص ، وخالد بن الوليد ، وعياش بن أبي ربيعة ، وبشير بن سعد ، و سهيل بن عمرو ، وحكيم بن حزام ، وصهيب بن سنان ، وأبوالاعور السلمي ، ومطيع بن الاسود المدري ، وجماعة من هؤلاء ممن سقط عني إحصاء عددهم.
فقال الفتى : يا أبا عبدالله ما هؤلاء في أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى قد انقلب الناس أجمعون بسببهم؟ فقال حذيفة : إن هؤلاء رؤس القبايل وأشرافها ، وما من رجل من هؤلاء إلا ومعه من الناس خلق عظيم ، يسمعون له ويطيعون ، واشربوا في قلوبهم من حب أبي بكر ، كما اشرب قلوب بنى اسرائيل من حب العجل والسامري حتى تركوا هارون واستضعفوه.