وبعد أن اكتملت مواهبه ، تصدر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، وذاع صيته بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه ، ومن الذين قرءوا عليه : « عبد الله بن سهل ».
توفي « أبو عمر الطلمنكي » في ذي الحجة سنة تسع وعشرين وأربعمائة.
ومن شيوخ « عبد الله بن سهل » في القراءة : « مكي بن أبي طالب بن حموش أبو محمد القيسي » ، القيرواني ، الأندلسي ، وهو من مشاهير القراء المحققين ، ومن الثقات المجوّدين ، ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بالقيروان ، ورحل إلى كثير من المدن من أجل العلم وللأخذ عن الشيوخ ، ومن المدن التي رحل إليها : « مكة المكرمة ، مصر ، وبيت المقدس ».
ألّف : « مكي بن أبي طالب » الكثير من الكتب بلغت أكثر من ثمانين كتابا ، قال رحمهالله تعالى : « ألفت كتابي « الموجز في القراءات » بقرطبة ، سنة أربع وتسعين وثلاثمائة ، وألفت كتاب « التبصرة » بالقيروان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة ، وألفت « مشكل الإعراب » في الشام ببيت المقدس سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة ، وألفت باقي تواليفي بقرطبة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة (١).
احتلّ « مكيّ بن أبي طالب » منزلة رفيعة بين الناس مما جعل العلماء يثنون عليه ، وفي هذا يقول صاحبه « أحمد بن مهدي المقري » : « كان مكي بن أبي طالب من أهل التبحّر في علوم القرآن ، والعربية ، حسن الفهم والخلق ، جيّد الدين والعقل ، كثير التأليف في علوم القرآن ، محسنا ، مجوّدا ، عالما بمعاني القراءات » (٢).
أخذ « مكي بن أبي طالب » القراءات عن مشاهير علماء عصره ، وفي
__________________
(١) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ٢ ، ص ٣١٠.
(٢) انظر : غاية النهاية في طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٠٣.