وكان السلطان يلهج بتوليته القضاء مع علمه بعدم قبوله له في سلطنة « خشقوم » ثم ولاه « قايتباي » القضاء ، وصمم عليه فأذعن بعد مجيء أكابر الدولة إليه فباشره بعفة ونزاهة ، ثم عزل سنة ستة وتسعمائة ثم عرض عليه بعد ذلك فأعرض عنه لكفّ بصره ، وانجمع في محله ، واشتهرت مصنفاته ، وكثرت تلامذته ، وألحق الأحفاد بالأجداد ، وعمّر حتى جاوز المائة أو قاربها » (١).
ولشيخ الإسلام زكريا الأنصاري الكثير من المصنفات في شتى الفنون ، منها : شرح آداب البحث ، وسمّاه فتح الوهاب بشرح الآداب ، و « غاية الوصول في شرح الفصول » وشرح « شذور الذهب في النحو » ، وشرح مقدمة التجويد لابن الجزري ، ومختصر قرة العين في الفتح والإمالة وبين اللفظين لابن القاصح ، وشرح « إيساغوجي » في المنطق ، وغير ذلك من الكتب النافعة المفيدة. وبعد هذه الحياة الحافلة بالتدريس ، والفتوى ، والتصنيف ، توفي شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في يوم الجمعة رابع ذي الحجة سنة ست وعشرين وتسعمائة ، رحمهالله رحمة واسعة.
وقد حزن الناس عليه كثيرا لمزيد محاسنه ، ورثاه الكثيرون من تلامذته فمن ذلك قول بعضهم :
قضى زكريا نحبه فتفجرت |
|
عليه عيون النيل يوم حمامه |
سقى الله قبرا ضمّه غوث صيّب |
|
عليه مدى الأيام صبح غمامه |
__________________
(١) انظر البدر اللامع للشوكاني ج ١ ، ص ٢٥٢.