« بغداد » بعد عام ستين وستمائة من الهجرة ، فالتحق بالمدرسة النظامية ، وحضر دروس المشايخ بالمدرسة المستنصرية ، وحضر مجالس كبار العلماء ، وتلقى القراءات السبع على « أبي الحسن علي بن عثمان البغدادي ».
وقرأ القراءات العشر على « الحسين بن الحسن المنتجب التكريتي » ت ٦٨٨ ه وأسند القراءات بالإجازة عن الشريف أبي البدر الداعي ت ٦٦٨ ه وأخذ الفقه عن أبي العزّ محمد بن عبد الله البصري الشافعي المدرّس بالمدرسة النظامية.
وهذه الرحلة تعتبر أعظم رحلاته التي قام بها ، حيث أدرك الفوائد العلمية ، واتسع أفقه العلمي ، وارتفع مستواه ، وبرع في القراءات ، فكتب فيها كتابه « نزعة البررة في قراءات الأئمة العشرة » ، وكتابه « عقود الجماعة في تجويد القرآن » وعرضهما على شيخه منتجب الدين التكريتي.
ثم كانت رحلته الثانية إلى « دمشق » فسمع من كبار الحفاظ منهم « الفخر ابن البخاري » ت ٦٩٠ ه والفخر بن الفخر البعلبكي ت ٦٩٩ هـ.
وباحث ، وناظر ، وأفاد الطلبة كثيرا (١).
ثم رحل بعد ذلك إلى « مدينة الخليل » بفلسطين وكان ذلك قبل عام ثمانية وثمانين وستمائة ، وأقام بها بضعة وأربعين عاما حتى توفاه الله. وقد تولى « الجعبري » في « مدينة الخليل » القضاء ، والإفتاء ، والخطابة ، ونشر العلم بشتى الوسائل المختلفة سواء كان بالتدريس أو التأليف وقد عمر طويلا حتى أدركه الأحفاد.
يفهم مما تقدم أن « الجعبري » اجتهد في طلب العلم وتحصيله وبذل في سبيل ذلك كل عمره ، وزهرة شبابه ، حتى وصل إلى أرقى المناصب العلمية في زمانه.
__________________
(١) انظر الوافي بالوفيات ج ٦ ، ص ٧٣.