ت ٦٢٤ هـ حيث قال : « مضى ابن الأنباري يوما في النخّاسين ورأى جارية تعرض حسنة كاملة الوصف. قال « ابن الأنباري » فوقعت في قلبي ومضيت الى دار أمير المؤمنين « الراضي بالله ». فقال لي : اين كنت الى الساعة؟ فعرفته ، فأمر بعض أصحابه فمضى فاشتراها وحملها الى منزلي فجئت فوجدتها فعلمت الأمر كيف جرى ، فقلت لها كوني فوق الى أن أستبرئك وكنت أطلب مسألة من العلم قد اختلت عليّ فاشتغل قلبي بالجارية فقلت للخادم : خذها وامض بها الى النخاس فليس قدرها أن تشغل قلبي عن علمي فبلغ « الراضي بالله » أمره فقال : لا ينبغي أن يكون العلم في قلب أحد أحلى منه في صدر هذا الرجل » (١).
وقد احتل « أبو بكر بن الأنباري » مكانة عظيمة بين العلماء وعامة الناس مما جعل العلماء يثنون عليه ويوثقونه ، حول هذا المعنى يقول « الخطيب ، البغدادي » : « كان « ابن الأنباري » من أعلم الناس بالنحو والأدب ، وأكثرهم حفظا ، وكان صدوقا فاضلا خيرا ، دينا من أهل السنة ، وصنف كتبا كثيرة في علوم القرآن وغريب الحديث ، والمشكل ، والوقف والابتداء ، والرد على من خالف مصحف العامة » ا هـ (٢).
وقد ترك « ابن الأنباري » ثروة علمية كبيرة في فنون متعددة انتفع بها المسلمون من بعده ، من هذه المصنفات : كتاب « الوقف والابتداء » ، وهذا الكتاب يعتبر من أقدم الكتب التي صنفت في هذا العلم ومن أوسعها وأجمعها. وقد تم طبعه ولله الحمد. وفي الحديث عن قيمة هذا الكتاب العلمية يقول الإمام الداني : « سمعت بعض أصحابنا يقول عن شيخ له إن ابن الأنباري لما صنف كتابه في الوقف والابتداء جيء به الى « ابن مجاهد » فنظر فيه وقال : لقد كان
__________________
(١) انظر إنباه الرواة ج ٣ ص ٢٠٤.
(٢) انظر تاريخ بغداد ج ٢ ص ١٨٢.