ت ٤٦٣ هـ. حدثني علي بن أبي علي البصري عن أبيه قال : أخبرني غير واحد ممن شاهد « أبا بكر محمد بن القاسم الأنباري » أنه كان يملي من حفظه لا من كتاب ، وان عادته في كل ما كتب عنه من العلم كانت هكذا. ما أملى قط من دفتر. ثم قال : وسمعت حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق يقول : « كان أبو بكر بن الأنباري يملي كتبه المصنفة ومجالسه المشتملة على الحديث والأخبار والتفاسير ، والأشعار ، كل ذلك من حفظه (١).
ومن الأدلة على قوة حفظه ما يلي : قال « أبو علي القالي » : « كان « ابن الأنباري » يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهدا في القرآن (٢). وقال « محمد بن جعفر التميمي » : ما رأينا أحفظ من « ابن الأنباري » ولا أغزر من علمه. حدثوني عنه أنه قال : أحفظ ثلاثة عشر صندوقا ». قال « التميمي » : وهذا ما لا يحفظ لأحد قبله. ثم يقول : وحدثت أنه كان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا بأسانيدها. وقيل : إن « ابن الأنباري » أملى كتاب « غريب الحديث » في خمسة وأربعين ألف ورقة ا هـ (٣).
وحكى « جعفر بن معاذ » أنه كان عند « أبي بكر بن الأنباري » في الجامع فسأله إنسان عن معنى آية فقال : فيها عشرة أوجه ، فقال : هات ما حضر منها. فقال كلها حاضرة ا هـ (٤). وذكر « القفطي » أن « أبا بكر بن الأنباري » مرض يوما مرضا شديدا فانزعج أبوه عليه انزعاجا شديدا ، فلامه الناس على ذلك ، فقال : كيف لا أجزع لعلة من يحفظ جميع ما ترون ، وأشار لهم الى « حيرى » مملوءة كتبا (٥). والحيرى : شبه الحظيرة.
__________________
(١) انظر تاريخ بغداد ج ٣ ص ١٨٢.
(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٨١.
(٣) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٢٣١.
(٤) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٢٣١.
(٥) انظر إنباه الرواة للقفطي ج ٣ ص ٢٠٢.
والقراء الكبار للذهبي ج ١ ص ٢٨١.
وطبقات القراء لابن الجزري ج ٢ ص ٢٣١.