كثيفة وشعر وهوفي منتصف الطريق أن هناك من يطارد خطواته ..
لم يشعر المنتصر بأي تحسن ، وعندما تناول كمثرى (١٩) شعر بألم شديد في معدته..
أمه تنظر اليه بحزن .. تبكي بصمت شباب ابنها .. لم يكن محظوظاً في الدنيا حتى أبيه كان يتآمر عليه .. وفي مثل هذا العالم المليء بالذئاب لا يعيش إلا من يكون ذئباً ..
قال المنتصر بأسى :
ـ يا أماه ذهبت مني الدنيا والآخرة .. عاجلت أبي فعوجلت (٢٠)!
كفكفت الأم دمعة ثكلى.
ـ لقد كنت بي باراً ومع الناس طيباً .. ومع نفسك صادقاً كل الناس يموتون وقليلون الذين يواجهون الموت بشجاعة.
أغمض المنتصر عينيه وغط في اغفاءة عميقة فانسحبت امه بهدوء بعد أن طبعت على جبينه قبلة أودعتها كل أمومتها ..
في اليوم التالي طلب رؤية ابنه الصغير « عبد الوهاب » فقبله وتمتم بكلمات خافته أن يحميه الله من شرور الذئاب البشرية التي تعوي في قصره ..
وفي مساء يوم السبت الرابع من شوال سنة ٢٤٨ هـ كان المنتصر يودع الحياة ..
أطل الهلال متألقاً في سماء حزيران الصافية الشاب المسجى ينظر بعينين فيهما أمل وهو يودع الدنيا الى عالم آخر ..