كان ما يزال ساجداً بعد أدى صلاة العشاء تحت الميزاب .. يتضرع الى الله .. عندما شعر بيد تحركه وصوت امرأة تخاطبه باسمه :
ـ قم يا حسن بن وجناء النصيبي!
رفع ابن وجناء رأسه ليرى امرأة صفراء يبدو عليها قد اجتازت الأربعين من عمرها ..
أخذت سمتها خارج المسجد الحرام ، وراح ابن وجناء يتبعها ساكتاً لكأن قوة ما تشده الى باتجاهها فهو يترسم خطاها حتى اذا وصلت دار خديجة فإذا باب وسط يرتفع عن جادة الطريق وسلم قصير يؤدي اليه ..
صعدت الجارية وتوقفت عند الباب ودلفت ثم سمع ابن وجناء من يناديه :
ـ اصعد يا حسن.
وصعد الرجل الذي هدته السنون .. ليتوقف عند عتبة الباب بعد أن أدرك ان من يناديه هو الغائب الذي ينتظر ظهوره ليملأ الأرض بالعدالة والدفء .. إنه يتمنى في أخريات حياته أن يركن قليلاً الى الراحة في دنيا تموج بالفتن وتزدحم بالغيوم.
وعندما دلف قال له الامام :
ـ يا حسن أتراك خفيت علي .. والله ما من وقت في حجك إلا وأنا معك فيه.