بعض طرقات المدينة في العام الذي قبض فيه عمي الحسن وأنا يومئذ غلام قد ناهزت الحلم أو كدت ، فلقيهما جابر بن عبدالله وأنس بن مالك الانصاريان في جماعة من قريش والانصار فما تمالك جابر بن عبدالله حتى أكب على أيديهما وأرجلهما يقبلها فقال له رجل من قريش كان نسيبا(١) لمروان : أتصنع هذا يابا عبدالله في سنك و موضعك من صحبة رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ وكان جابر قد شهد بدرا ، فقال له : إليك عني فلو علمت يا أخا قريش من فضلهما ومكانهما ما أعلم لقبلت ما تحت أقدامهما من التراب ، ثم أقبل جابر على أنس بن مالك فقال : يابا حمزة أخبرني رسول الله صلىاللهعليهوآله فيهما بأمر ما ظننته أن يكون(٢) في بشر ، قال له أنس : وما الذي أخبرك يابا عبدالله؟ قال علي بن الحسين : فانطلق الحسن والحسين عليهاالسلام ووقف أنا أسمع محاورة القوم ، فأنشأ جابر يحدث قال : بينا رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم في المسجد وقد خف من حوله إذ قال لي : يا جابر ادع لي ابني حسنا وحسينا ، وكان صلىاللهعليهوآله شديد الكلف بهما ، فانطلقت فدعوتهما وأقبلت أحمل هذا مرة ، وهذا مرة(٣) حتى جئته إياهما : أتحبهما يا جابر؟ قلت : وما يمنعني من ذلك فداك أبي وامي ، ومكانهما منك مكانهما؟ قال : أفلا اخبرك عن فضلهما؟ قلت : بلى بأبي أنت وامي ، قال : إن الله تعالى لما أراد أن يخلقني خلقني نطفة بيضاء طيبة ، فأودعها صلب أبي آدم عليهالسلام ، فلم يزل ينقلها من صلب طاهر إلى رحم الطاهر إلى نوح وإبراهيم عليهاالسلام ثم كذلك إلى عبدالمطلب ، فلم يصيبني من دنس الجاهلية شئ ، ثم افترقت تلك النطفة شطرين : إلى عبدالله وأبي طالب ، فولدني ابي فختم الله بي النبوة ، وولد علي فختمت به الوصية ، ثم اجتمعت النطفتان مني ومن علي فولدتا(٤) الجهر والجهير : الحسنان ، فختم الله بهما أسباط النبوة ، وجعل ذريتي منهما ، والذي يفتح مدينة ـ أو قال : مدائن ـ الكفر(٥) ويملا أرض الله عدلا بعد
____________________
(١) النسيب : القريب. ذو النسب (٢) في المصدر : انه يكون في بشر.
(٣) في المصدر : وهذا اخرى (٤) في المصدر : فوالدنا.
(٥) في المصدر المطبوع : [ ومن ذرية هذا واشار إلى الحسين عليهالسلام رجل يخرج في آخر الزمان يملاء ] ولم يذكره في نسختى المصححة.