فأتاه حاطب بن أبي بلتعة ، فكتب معها كتابا إلى أهل مكة وأعطاها عشرة دنانير عن ابن عباس ، وعشرة دراهم عن مقاتل ، وكساها بردا على أن توصل الكتاب إلى أهل مكة ، وكتب في الكتاب : من حاطب بن أبي بلعتة إلى أهل مكة ، إن رسول الله يريدكم ، فخذوا حذركم.
فخرجت سارة ونزل جبرئيل عليهالسلام فأخبر النبي (ص) بما فعل فبعث(١) رسول الله صلىاللهعليهوآله عليا وعمارا وعمر والزبير وطلحة والمقداد بن الاسود وأبا مرثد وكانوا كلهم فرسانا ، وقال لهم : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ ، فإن بها ظعينة معها كتاب من حاطب إلى المشركين فخذوه منها ، فخرجوا حتى أدركوها في ذلك المكان الذي ذكره رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقالوا لها : أين الكتاب؟ فحلفت بالله ما معها من كتاب ، فنحوها وفتشوا متاعها فلم يجدوا معها كتابا ، فهموا بالرجوع فقال علي عليهالسلام والله ما كذبنا ولا كذبنا كذبنا ، وسل سفيه وقال(٢) أخرجي الكتاب وإلا والله لاضربن عنقك ، فلما رأت الجد أخرجته من ذؤابتها قد خبأتها(٣) في شعرها ، فرجعوا بالكتاب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأرسل إلى حاطب فأتاه ، فقال له : هل تعرف الكتاب؟
قال : نعم ، قال : فما حملك على ما صنعت ، فقال : يا رسول الله والله ما كفرت منذ أسلمت(٤) ولاغششتك منذ صحبتك(٥) ولا أجبتهم منذ فارقتهم ، ولكن لم يكن أحد من المهاجرين إلا وله بمكة من يمنع عشيرتة ، وكنت عزيرا(٦) فيهم ، أي غريبا ، وكان أهلي بين ظهراينهم(٧) فخشيت على أهلي ، فأردت أن أتخذ عندهم يدا ، وقد عملت أن الله ينزل بهم بأسه ، وإن كتابي لا يغني عنهم شيئا ، فصدقه رسول الله صلىاللهعليهوآله وعذره ، فقام عمر بن الخطاب وقال : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق ، فقال رسول الله : « وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل
____________________
(١) فأرسل خ ل
(٢) في المصدر : وقال لها.
(٣) في المصدر : قد اخباتها.
(٤) في المصدر : مذ اسلمت خ ل.
(٥) في المصدر : منذ نصحتك.
(٦) الصحيح كما في المصدر : ( عريرا ) بالرائين.
(٧) أى في وسطهم وفي معظمهم.