قال : ولما استراث رسول الله صلىاللهعليهوآله خبر أصحابه أنفذ إليهم خالد بن الوليد في خيل سرحها معه لمشارفة أمرهم فألفوهم وهم عامدون إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله. قال : ولما دنوامن المدينة أحب السيد والعاقب أن يباهيا المسلمين وأهل المدينة بأصحابهما ، وبمن حف(١) من بني الحارث معهما ، فاعترضاهم فقالا : لو كففتم صدور ركابكم ومسستم الارض فألقيثم عنكم تفثكم وثياب سفركم وشننتم عليكم من باقي مياهكم كان ذلك أمثل ، فانحدر القوم عن الركاب فأماطوا من شعثهم وألقوا عنهم ثياب بذلتهم ، ولبسوا ثياب صونهم من الاتحميات(٢) والحرير والبحر ، وذروالمسك في لمعهم ومفارقهم ، ثم ركبوا الخيل واعترضوا بالرماح على مناسج خيلهم ، وأقبلوا يسيرون رزدقا واحدا ، وكانوا من أجمل العرب صورا ، وأنمهم أجساما وخلقا ، فلما تشوفهم الناس أقبلوا نحوهم فقالوا : ما رأينا وفدا أجمل من هؤلاء ، فأقبل القوم حتى دخلوا على رسول الله صلىاللهعليهوآله في مسجده ، وحانت صلاتهم فقاموا يصلون إلى المشرق ، فأراد الناس أن ينهوهم عن ذلك فكفهم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثم أمهلهم وأملهوه ثلاثا فلم يدعهم ولم يسألوه لينظروا إلى هديه ويعتبروا ما يشاهدون منه مما يجدون(٣) من صفته ، فلما كان بعد ثالثه(٤) دعاهم صلىاللهعليهوآله إلى الاسلام ، فقالوا : يا أبا القاسم ما أخبرتنا كتب الله عزوجل بشئ من صفة النبي المبعوث من بعد الروح عيسى عليهالسلام إلا وقد تعرفناه فيك إلا خلة هي أعظم الخلال آية ومنزلة ، وأجلاها أمارة ودلالة ، قال : وما هي؟ قالوا : إنا نجد في الانجيل من صفة النبي الغابر من بعد المسيح أنه يصدق به ويؤمن به ، وأنت تسبه وتكذب به ، وتزعم أنه عبد ، قال : فلم تكن خصومتهم ولا منازعتهم للنبي صلىاللهعليهوآله إلا في عيسى عليهالسلام فقال النبي صلىاللهعليهوآله : لا بل أصدقه وأصدق به وأؤمن به ، وأشهد أنه
____________________
(١) خف خ.
(٢) يقال : اتحم اى تلون بالتحمه ، وهى شدة السواد او الشقرة. والا تحم : الادهم و لعل كان لون ثيابهم كذلك. وفي المصدر : الانجميات.
(٣) بما يجدون خ ل. (٤) في المصدر : ثلاثة « ثالثة خ ل ».