ينتزع مني ملكي؟ أنا سائر إليه ، ولو كان باليمن جئته ، علي بالناس ، فلم يزل يعرض حتى قام وأمر بالخيول تنعل(١) ، ثم قال : اخبر صاحبك بما ترى ، وكتب إلى قيصر يخبره خبري وما عظم عليه ، فكتب إليه قيصر : أن لا تسر إليه واله عنه ووافني بإيليا ، فلما جاءه جواب كتابه دعاني فقال : متى تريد أن تخرج إلى صاحبك؟ فقلت : غدا ، فأمر لي بمائة مثقال ذهب ووصلني حاجبه بنفقة وكسوة ، فقال(٢) : اقرأ على رسول الله صلىاللهعليهوآله مني السلام فقدمت على النبي (ص) فأخبرته فقال : « باد ملكه » ومات الحارث بن أبي الشمر(٣) عام الفتح.
وأما هوذة بن علي فإنه كان من الملوك العقلاء إلا أن التوفيق عزيز.
قال الواقدي عن أشياخه : بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله سليط بن عمرو العامري إلى هوذة بن علي الحنفي يدعوه إلى الاسلام ، وكتب معه كتابا فقدم عليه فأنزله و حياه وقرأ كتاب رسول الله صلىاللهعليهوآله(٤) وكتب إليه : « وأجمله(٥) ، وأنا شاعر قومي وخطيبهم ، والعرب تهاب مكاني ، فاجعل لي بعض الامر(٦) أتبعك ».
وأجاز سليط بن عمرو بجائزة وكساه أثوابا من نسج هجر ، فقدم بذلك كله على رسول الله صلىاللهعليهوآله وأخبره عنه بما قال فقرأ كتابه وقال : « لو سألني سبابة من
___________________
(١) تنعل الدابة : البسها النعل.
(٢) أى حاجبه ، وكان اسمه مرى.
(٣) تقدم انه ( شمر ) بلا حرف تعريف.
(٤) وكان الكتاب على ما في نهاية الارب للقلقشندى : ٢٢٥ : بسم الله الرحمن الرحيم : من محمد رسول الله إلى هوذة بن على ، سلام على من اتبع الهدى ، واعلم ان دينى سيظهر إلى منتهى الخف والحافر ، فأسلم تسلم ، واجعل لك ما تحت يديك.
(٥) هكذا في الكتاب ، والصحيح كما في المصدر : ما أحسن ما تدعو إليه واجمله.
(٦) اراد ولاية الامر بعده ، قال ابن اثير في الكامل : واما هوذة بن على فكان ملك اليمامة ، فلما اتاه سليط بن عمرو يدعوه إلى الاسلام وكان نصرانيا ارسل إلى النبى صلىاللهعليهوآله وفدا فيهم مجاعة بن مرارة والرجال بن عنفوة يقول له : ان جعل الامر له من بعده اسلم وسار اليه ونصره ، والا قصد حربه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « لا ولا كرامة اللهم اكفنيه » فمات بعد قليل.