لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن لا ، وكذلك الايمان حين يخالط بشاشة القلوب ، وسألتك هل يغدر؟ فذكرت أن لا ، وكذلك الرسل لا تغدر ، وسألتك بما يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وينهاكم عن عبادة الاوثان ، ويأمركم بالصلاة والصدقة والعفاف ، فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين ، وقد كنت أعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم ، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاه ، ولو كنت عنده لغسلت قدمه ، ثم دعا بكتاب رسول الله صلىاللهعليهوآله الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى(١) فدفعه إلى هرقل فقرأه فإذا فيه :
« بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله عبده ورسوله إلى هرقل عظيم الروم وسلام على من اتبع الهدى. أما بعد فإني أدعوك بدعاية الاسلام أسلم تسلم ، أسلم(٢) يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم اليريسين(٣) ، ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سوآء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ، ولا نشرك به شيئا ، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ».
قال أبوسفيان : فلما قال ما قال وفرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصخب وارتفعت الاصوات فأخرجنا ، فقلت لاصحابي حين أخرجنا : لقد أمر أمر ابن أبي كبشة ، إنه يخافه ملك بني الاصفر ، فما زلت موقنا أنه سيظهر حتى أدخل الله على الاسلام(٤).
___________________
(١) بصرى بالضم والقصر : موضع بالشام من اعمال دمشق ، وهى قصبة كورة حران.
(٢) خلى المصدر عن كلمة ( اسلم ) الثانية.
(٣) في الطبعة الحروفية : الاريسيين ، ويأتى ذلك ايضا في بيان المصنف
(٤) قال اليعقوبي في تاريخه ٢ : ٦٢ : فكتب هرقل : « إلى احمد رسول الله الذى بشر به عيسى من قيصر ملك الروم ، انه جاءنى كتابك مع رسولك ، وانى اشهد انك رسول الله ، نجدك عندنا في الانجيل بشرنا بك عيسى بن مريم ، وانى دعوت الروم إلى ان يؤمنوا بك فابوا ولو أطاعونى لكان خيرا لهم ، ولوددت انى عندك فاخدمك واغسل قدميك » فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يبقى ملكهم ما بقى كتابى عندهم.