الفيروز آبادي : السير بالفتح : الذي يقد من الجلود والجمع سيور. وقال الجوهري : السير من الثياب الذي فيه خطوط كالسيور ، وعلى التقادير هذا كلام الصادق عليهالسلام لبيان ثمرة تلك المصالحة وكثرة فوائدها بأنها صارت موجبة لامن المسلمين بحيث كانوا يبعثون الهدايا من المدينة إلى مكة من غير منع ورعب ، ورغب أهل مكة في الاسلام وأسلم جم غفير منهم من غير حرب. قوله صلىاللهعليهوآله : وهل قاضيت على شئ. أي لم يتم الصلح ولم يكتب الكتاب بعد ، فليس هذا داخلا فيما نقاضى عليه ـ « قوله صلىاللهعليهوآله ولم أشترط لك » أي ليس هذا شرطا يخصك ، بل هذا ما قاضينا عليه لمصلحة عامة المسلمين ، ولابد من ذلك ، أو لم تكن داخلا فيه لمجيئك قبل تمام الكتاب ، لكن هؤلاء يجبروننا عليه ، أو ما كنت اشترطت لك عليهم أن تكون مستثنى من ذلك ، ولا يمكننا الغدر معهم ، ولعله أظهر ، ويحتمل على بعد أن يكون استفهاما إنكاريا ، أي ألم أشترط لك وأعدك بالنجاة منهم قريبا.
أقول : إنما أوردت آيات عمرة القضاء وأخبارها في هذا الباب لاشتراك بعض الآيات والاخبار وشدة الارتباط بينهما ، وسيأتي لها ذكر في موضعه إن شاء الله تعالى(١).
١٤ ـ وروى في جامع الاصول من صحاحهم عن البراء بن عازب قال : اعتمر رسول الله (ص) في ذي القعدة فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يدخل ، يعني من العام المقبل ، يقيم فيها ثلاثة ، فلما كتبوا الكتاب كتبوا : « هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » قالوا : ما نقر بها ، فلو نعلم أنك رسول الله ما منعناك ، ولكن أنت محمد بن عبدالله ، فقال : « أنا رسول الله وأنا محمد بن عبدالله » ثم قال لعلي بن إبي طالب : « امح رسول الله » فقال : لا والله لا أمحوك أبدا ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله وليس يحسن يكتب ،
___________________
(١) وقد فصل المقريزى في الامتاع قضية الحديبية ، وفيه فوائد جمة ، لا يمكننا الايعاز إليها لعجلة الطابع ، راجعه. وفيه : شدة نكير عمر بن الخطاب على رسول الله صلىاللهعليهوآله كرارا وقضية شكه وخشيته من ان يفتضح عند الناس بنزول آية في حقه.