قد أعطى عليا نعله يخصفها ، ثم التفت إلينا علي عليهالسلام فقال : قال رسول الله : « من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ».
قوله : فاستكف أهل مكة ، يقال : استكفوا حوله ، أي أحاطوا به ينظرون إليه.
أقول : قال الطبرسي رحمهالله في قوله تعالى : « إنا فتحنا لك فتحا مبينا » قيل : المراد بالفتح هنا صلح الحديبية ، وكان فتحا بغير قتال ، وقال الزهري : لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية ، وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين ، فسمعوا كلامهم فتمكن الاسلام في قلوبهم وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير ، وكثر بهم سواد الاسلام(١). وقال الشعبي بويع بالحديبية بيعة الرضوان ، واطعم نخيل خيبر ، وظهرت الروم على فارس ، وفرح المسلمون بظهور أهل الكتاب وهم الروم على المجوس إذ كان فيه مصداق قوله تعالى : « إنهم سيغلبون »(٢) وبلغ الهدي محله والحديبية : بئر. وروي أنه نفد ماؤها فظهر فيها من أعلام النبوة ما اشتهرت به الروايات ، قال البرآء بن عازب : تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية ، كنا مع النبي صلىاللهعليهوآله أربع عشر مائة ، والحديبية : بئر ، فنزحناها فما ترك منها قطرة ، فبلغ ذلك النبي صلىاللهعليهوآله فأتاها فجلس على شفيرها ثم دعا بإناء من ماء فتوضا ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها وتركها ، ثم إنها أصدرتنا نحن وركابنا.
وفي حديث سلمة بن الاكوع إما دعا أو بصق(٣) فيها فجاشت فسقينا واستقينا(٤).
وعن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة بن الزبير عن مسور بن مخرمة
___________________
(١) المسلمين خ ل.
(٢) اى مصداق قوله تعالى : « وهم من بعد غلبهم سيغلبون » راجع سورة الروم : ٣.
(٣) وإما بزق خ ل. أقول : يوجد ذلك في المصدر.
(٤) في المصدر : واسقينا.