لكاذب(١) ، وقال من حضر من الانصار : يا رسول الله شيخنا وكبيرنا لا تصدق عليه كلام غلام من غلمان الانصار ، عسى أن يكون هذا الغلام وهم في حديثه ، فعذره صلىاللهعليهوآله وفشت الملامة من الانصار لزيد ، ولما استقل رسول الله فسار لقيه أسيد بن حضير فحياه بتحية النبوة ، ثم قال : يا رسول الله لقد رحت في ساعة منكرة ما كنت تروح فيها؟ فقال له رسول الله (ص) : « أو ما بلغك ما قال صاحبكم؟ زعم أنه إن رجع إلى المدينة أخرج الاعز منها الاذل » فقال أسيد : فأنت والله يا رسول الله تخرجه إن شئت ، هو والله الذليل ، وأنت العزيز ، ثم قال : يا رسول الله ارفق به ، فوالله لقد جاء الله بك(٢) وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه ، وإنه ليرى أنك قد استلبته ملكا وبلغ عبدالله بن عبدالله بن أبي ما كان من أمر أبيه فأتى رسول الله (ص) فقال : يا رسول الله إنه قد بلغني أنك تريد قتل أبي ، فإن كنت لابد فاعلا فمرني به ، فأنا أحمل إليك رأسه ، فوالله لقد علمت الخزرج ما كان بها رجل أبر بوالدية مني ، وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أن أنظر إلى قاتل عبدالله بن أبي(٣) أن يمشي في الناس ، فأقتله ، فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار ، فقال صلىاللهعليهوآله : بل ترفق به وتحسن صحبته ما بقي معنا(٤).
قالوا : وسار رسول الله صلىاللهعليهوآله بالناس يومهم ذلك حتى أمسى وليلتهم حتى أصبح ، وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس ، ثم نزل بالناس فلم يكن إلا أن
___________________
(١) في السيرة : فاخبره الخبر وعنده عمر بن الخطاب فقال : مر به عباد بن بشر فليقتله ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : « فكيف يا عمر اذا تحدث الناس ان محمدا يقتل اصحابه ، لا ، ولكن اذن بالرحيل » وذلك في ساعة لم يكن رسول الله صلىاللهعليهوآله يرتحل فيها ، فارتحل الناس ، وقد مشى عبدالله بن أبى بن سلول إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله حين بلغه ان زيد بن ارقم قد بلغه ما سمع منه ، فحلف بالله ما قلت ما قال ثم ذكر نحو ما في الكتاب.
(٢) في السيرة : لقد جاءنا الله بك.
(٣) إلى قاتل ابى خ ل.
(٤) في السيرة : بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقى معنا.