الله صلىاللهعليهوآله إلى موضع السوق اليوم فخندق فيه خنادق(١) ، وحضر أميرالمؤمنين عليهالسلام ومعه المسلمون وأمر بهم أن يخرجوا ، وتقدم إلى أميرالمؤمنين عليهالسلام أن يضرب أعناقهم في الخندق ، فأخرجوا إرسالا ، وفيهم حيي بن أخطب وكعب بن أسد ، وهما إذ ذاك رئيسا القوم ، فقالوا لكعب بن أسد وهم يذهب بهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا كعب ما تراه يصنع بنا؟ فقال : في كل موطن لا تعقلون؟ ألا ترون الداعي لا ينزع ، ومن ذهب منكم لا يرجع ، هو والله القتل ، وجئ بحيي بن أخطب مجموعة يداه إلى عنقه ، فلما نظر إلى رسول الله (ص) قال : أما والله ما لم نفسي على عداوتك ، ولكن من يخذل الله يخذل ، ثم أقبل على الناس فقال : أيها الناس إنه لابد من أمرالله ، كتاب وقدر وملحمة كتبت على بني إسرائيل ، ثم أقيم بين يدي أميرالمؤمنين عليهالسلام وهو يقول : قتلة شريفة بيد شريف : فقال له أميرالمؤمنين عليهالسلام : إن خيار الناس يقتلون شرارهم ، وشرارهم(٢) يقتلون خيارهم ، فالويل لمن قتله الاخيار الاشراف ، والسعادة لمن قتله الارذال الكفار ، فقال : صدقت لا تسلبني حلتي ، فقال : هي أهون علي من ذاك ، فقال : سترتني سترك الله ، ومد عنقه فضربها علي عليهالسلام ولم يسلبه من بينهم ، ثم قال أميرالمؤمنين عليهالسلام لمن جاء به : ما كان يقول حيي وهو يقاد إلى الموت؟ قال(٣) كان يقول(٤) :
لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه |
|
ولكنه من يخذل الله يخذل |
فجاهد حتى بلغ النفس جهدها |
|
وحاول يبقى العز كل مقلقل(٥) |
فقال أميرالمؤمنين علي عليه الصلاة والسلام :
___________________
(١) الخندق هنا بمعنى الحفيرة وهو معرب كنده ، ويقال له بالفارسية : كودال.
(٢) شرار الناس خ ل.
(٣) قال خ ل.
(٤) قدمنا ان ابن هشام قال : الشعر لغيره وهو جبل بن جوال الثعلبى.
(٥) في السيرة :
لجاهد حتى ابلغ النفس عذرها |
|
وقلقل يبغى العز كل مقلقل |
أقول : قلقل : تحرك وفي المصدر : كل مغلغل بالغين المعجمة.