يعدهم النصر من الله ، فانتدبت فوارس من قريش للبراز ، منهم عمرو بن عبد ود بن أبي قيس بن عامر بن لؤي بن غالب ، وعكرمة بن أبي جهل ، وهبيرة بن أبي وهب المخزوميان ، وضرار بن الخطاب ، ومرداس الفهري(١) ، فلبسوا للقتال ، ثم خرجوا على خيلهم حتى مروا بمنازل بني كنانة فقالوا : تهيؤا يا بني كنانة للحرب ثم أقبلوا تعنق بهم خيلهم حتى وقفوا على الخندق ، فلما تأملوه قالوا : والله إن هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها ، ثم تيمموا مكانا من الخندق فيه ضيق فضربوا خيلهم فاقتحمته ، وجاءت بهم في السبخة بين الخندق وسلع ، وخرج أميرالمؤمنين علي عليهالسلام(٢) في نفر معه من المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة التي اقتحموها فتقدم عمرو بن عبد ود الجماعة الذين خرجوا معه ، وقد أعلم ليرى مكانه ، فلما رأى المسلمين وقف هو والخيل التي معه ، وقال : هل من مبارز(٣)؟ فبرز له(٤) أميرالمؤمنين عليهالسلام ، فقال له عمرو : ارجع يا ابن الاخ فما أحب أن أقتلك ، فقال له أمير ـ المؤمن عليهالسلام : قد كنت يا عمرو عاهدت الله أن لا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خصلتين إلا اخترتها منه ، قال(٥) أجل. فما ذاك؟ قال : إني أدعوك إلى الله ورسوله والاسلام ، قال : لا حاجة لي إلى ذلك(٦) ، قال : فإني أدعوك إلى النزال ، فقال : ارجع فقد كان بيني وبين أبيك خلة وما أحب أن أقتلك ، فقال له أميرالمؤمنين عليهالسلام : لكنني والله أحب أن أقتلك ما دمت آبيا للحق ، فحمى(٧) عمرو عند ذلك(٨)
___________________
(١) في السيرة : وضرار بن الخطاب [ الشاعر ] بن مرداس اخو بنى محارب بن فهر.
(٢) ابن ابى طالب خ.
(٣) في السيرة : الثغرة التى اقحموا منها خيلهم ، واقبلت الفرسان تعنق نحوهم ، وكان عمرو بن عبد ود قد قاتل يوم بدر حتى اثبتته الجراحة ، فلم يشهد يوم احد ، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مكانه ، فلما وقف هو وخيله قال : من يبارز؟
( ٤ ) فبرز اليه خ ل. أقول : هو الموجود في المصدر.
(٥) فقال خ ل.
(٦) في ذلك خ ل.
(٧) حمى : غضب واشتد غضبه.
(٨) من ذلك خ ل.