وليس مع محمد آية ، وإنما جمعهم جمعا وسحرهم ويريد أن يغلبهم بذلك فلم يزل يقلبهم عن رأيهم حتى أجابوه ، فقال لهم : أخرجوا الكتاب الذي بينكم وبين محمد فأخرجوه ، فأخذه حيي بن أخطب ومزقه ، وقال : قد وقع الامر فتجهزوا و تهيأوا للقتال ، وبلغ رسول الله صلىاللهعليهوآله ذلك فغمه غما شديدا ، وفزع أصحابه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لسعد بن معاذ وأسيد بن حصين(١) وكانا من الاوس ، وكانت بنو قريظة حلفاء الاوس : ائتيا بني قريظة فانظروا ما صنعوا ، فإن كانوا نقضوا العهد فلا تعلما أحدا إذا رجعتما إلي وقولا : عضل والقارة ، فجاء سعد بن معاذ وأسيد بن حصين(٢) إلى باب الحصن فأشرف عليهما كعب من الحصن فشتم سعدا وشتم رسول الله (ص) ، فقال له سعد : إنما أنت ثلعب في حجر ، لتولين قريش وليحاصرنك رسول الله صلىاللهعليهوآله : ولينزلنك(٣) على الصغر والقمأ(٤) ، وليضربن عنقك ، ثم رجعا إلى رسول الله (ص) فقالا له : عضل والقارة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « لعنا ، نحن أمرناهم بذلك » وذلك أنه كان على عهد رسول الله (ص) عيون لقريش يتجسسون خبره ، وكانت عضل والقارة قبيلتان من العرب دخلا في الاسلام ثم غدرا ، وكان إذا غدر أحد ضرب بهما المثل ، فيقال : عضل والقارة.
ورجع حيي بن أخطب إلى أبي سفيان وقريش فأخبرهم بنقض بني قريظة العهد بينهم وبين رسول الله (ص) ، ففرحت قريش بذلك ، فلما كان في جوف الليل جاء نعيم بن مسعود الاشجعي إلى رسول الله (ص) ، وقد كان أسلم قبل قدوم قريش ، بثلاثة أيام ، فقال : يا رسول الله قد آمنت بالله وصدقتك وكتمت إيماني عن الكفرة ، فإن أمرتني أن آتيك بنفسي وأنصرك بنفسي فعلت ، وإن أمرت أن أخذل بين
___________________
(١ و ٢) حضير خ ل. أقول : في المصدر : ( حصين ) والظاهر انه مصحف ، وقد صرح المقريزى في الامتاع بانه اسيد بن حضير ، على أنه لم نعرف في الصحابة من يكون اسمه اسيد بن حصين. وذكر ابن هشام مكان اسيد بن حضير سعد بن عبادة.
(٣) ثم لينزلنك خ ل.
(٤) القما : الذل.