القتل في هذه الوقعة(١) لم تمتعوا في الدنيا إلا أياما قلائل « قل من ذا الذي يعصمكم من الله » أي يدفع عنكم قضاء الله « إن أراد بكم سوءا » أي عذابا وعقوبة « أو أراد بكم رحمة » أي نصرا وعزا ، فإن أحدا لا يقدر على ذلك « ولا يجدون لهم من دون الله وليا » يلي أمورهم « ولا نصيرا » ينصرهم ويدفع عنهم « قد يعلم الله المعوقين منكم » وهم الذين يعوقون غيرهم عن الجهاد مع رسول الله (ص) ويثبطونهم ويشغلونهم لينصرفوا عنه ، وذلك بأنهم قالوا لهم : ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس ، ولو كانوا لحما لالتهمهم(٢) أبوسفيان وهؤلاء الاحزاب « والقائلين لاخوانهم » يعني اليهود ، قالوا لاخوانهم المنافقين : « هلم إلينا » أي تعالوا ، وأقبلوا إلينا ودعوا محمدا وقيل : القائلون هم المنافقون ، قالوا لاخوانهم من ضعفة المسلمين : لا تحاربوا و خلوا محمدا فإنا نخاف عليكم الهلاك « ولا يأتون البأس » أي ولا يحضرون القتال في سبيل الله « إلا قليلا » يخرجون رياء وسمعة قدر ما يوهمون أنهم معكم ، وقيل لا يحضرون القتال إلا كارهين يكون(٣) قلوبهم مع المشركين « أشحة عليكم » أي يأتون البأس بخلا بالقتال معكم وقيل بخلا بالنفقة في سبيل الله والنصرة « كالذي يغشى عليه من الموت » وهو الذي قرب من حال الموت ، وغشيته أسبابه فيذهل و يذهب عقله ويشخص بصره فلا يطرف ، فكذلك هؤلاء تشخص أبصارهم وتحار أعينهم من شدة خوفهم « فإذا ذهب الخوف » وجاء الامن والغنيمة « سلقوكم بألسنة حداد » أي آذوكم بالكلام ، وخاصموكم سليطة ذربة ، وقيل : معناه بسطوا ألسنتهم فيكم وقت قسمة الغنيمة يقولون : أعطونا فلستم بأحق بها منا عن قتادة ، قال : فأما عند البأس فأجبن قوم واخذله للحق(٤) وأما عند الغنيمة فأشح قوم ، وهو قوله : « أشحه على الخير » أي بخلا بالغنيمة يشاحون
___________________
(١) الواقعة خ ل.
(٢) قال الفيروز آبادي : لهمه كسمعه لهما ويحرك وتلهمه والتهمه : ابتلعه بمرة منه قدسسره.
(٣) في المصدر : تكون.
(٤) في المصدر : واخذلهم للحق.