قريش والنساء وتلاومت في ذلك ، وأشفقت(١) أن تخرج ابنة محمد من بينهم على تلك الحال ، فخرجوا في طلبها سراعا حتى أدركوها بذي طوى ، فكان أول من سبق إليها هبار بن الاسود بن المطلب بن أسد ، ونافع بن عبدالقيس الفهري ، فروعها هبار بالرمح وهي في الهودج ، وكانت حاملا ، فلما رجعت طرحت ذا بطنها(٢) ، و كانت من خوفها رأت دما وهي في الهودج ، فلذلك أباح رسول الله (ص) يوم فتح مكة دم هبار بن الاسود.
قال ابن أبي الحديد : وهذا الخبر أيضا قرأته على النقيب أبي جعفر فقال : إذا كان رسول الله صلىاللهعليهوآله أباح دم هبار لانه روع زينب فألقت ذا بطنها ، وظاهر الحال أنه لو كان(٣) لاباح دم من روع فاطمة عليهاالسلام حتى ألقت ذا بطنها ، فقلت : أروي عنك ما يقوله قوم : إن فاطمة روعت فألقت المحسن(٤)؟ فقال : لا تروه عني ، ولا تروعني بطلانه ، فإني متوقف في هذا الموضع لتعارض الاخبار عندي فيه(٥).
أقول : ظاهر أن النقيب رحمهالله عمل التقية في إظهار الشك في ذلك من ابن أبي الحديد أو من غيره(٦) ، وإلا فالامر أوضح من ذلك كما سيأتي في كتاب الفتن.
ثم قال : قال الواقدي : فبرك حموها كنانة بن الربيع ونثل(٧) كنانته بين يديه
____________________
(١) استظهر المصنف في الهامش أنه مصحف أنفت.
(٢) في المصدر : ما في بطنها.
(٣) في المصدر : لو كان حيا.
(٤) العجب من جماعة من اعاظم العامة حيث ذكروا لعلى عليهالسلام ابنا اسمه محسن ، ولم يتعرضوا لحاله ، ولم يذكروا فيه شيئا. وسنذكرهم ان شاء الله في محله.
(٥) شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ٣ : ٣٣٤ ـ ٣٥٢.
(٦) حيث أنه كان يومئذ في عاصمة بغداد ، وهى ملء من المتعصبين من أهل السنة وفى مقدمهم الخليفة ورجال الدولة ، فلو كان يفشى ذلك الحديث منه لما كان يسلم من الاذى ، وربما وقعت الفتنة بين الشيعة وأهل السنة لذلك.
(٧) في السيرة وتاريخ الطبرى والكلامل : فنثر. أقول : أى رمى نبلها متفرقة بين يديه.