استوهب رسول الله (ص) فداء أبي العاص؟ أتراه لو قال : هذه بنت نبيكم صلىاللهعليهوآله قد حضرت لطلب هذه النخلات أفتطيبون عنها نفسا؟ كانوا منعوها ذلك؟ فقلت له : قد قال قاضي القضاة أبوالحسن عبدالجبار بن أحمد : نحو ذلك ، قال : إنهما لم يأتيا بحسن في شرع التكرم ، وإن كان ما أتياه حسنا في الدين.
قال محمد بن إسحاق : وكان رسول الله (ص) لما أطلق سبيل أبي العاص أخذ عليه فيما نرى أوشرط عليه في إطلاقه أو أن أبا العاص وعد رسول الله (ص) ابتداء بأن يحمل زينب إليه إلى المدينة ، أو لم يظهر ذلك من أبي العاص ولا من رسول الله صلىاللهعليهوآله إلا أنه لما خلى سبيله وخرج إلى مكة بعث رسول الله (ص) بعد زيد بن حارثة ورجلا من الانصار وقال لهما : كونا بمكان كذا(١) حتى تمر بكما زينب فتصحبانها حتى تأتياني بها ، فخرجا نحو مكة وذلك بعد بدر بشهر ، فلما قدم أبوالعاص مكة أمرها باللحوق بأبيها ، فأخذت تتجهز.
قال محمد بن إسحاق : فحدثت عن زينب أنها قالت : بينا أنا أتجهز للحوق بأبي إذ لقيتني هند بنت عتبة فقالت : ألم تبلغني(٢) يا بنت محمد أنك تريدين اللحوق بأبيك؟ فقلت : ما أردت ذلك ، فقالت : أي بنت عم لا تفعلي إن كانت لك حاجة في متاع أو فيما يرفق(٣) بك في سفرك أو مال تبلغين به إلى أبيك فإن عندي حاجتك ، فلا تضطني مني ، فإنه لا يدخل بين النساء ما يدخل بين الرجال ، قالت : وأيم الله إني لاظنها حينئذ صادقة ، ما أظنها قالت حينئذ إلا لتفعل ، ولكني خفتها فأنكرت أن أكون أريد ذلك ، قالت : وتجهزت حتى فرغت من جهازي ، فحملني أخو بعلي وهو كنانة بن الربيع.
قال محمد بن إسحاق : قدم لها كنانة بن الربيع بعيرا فركبته ، وأخذ قوسه و كنانته ، وخرج بها نهارا يقود بعيرها وهي في هودج لها ، وتحدث بذلك الرجال من
____________________
(١) في السيرة : كونا ببطن يأجج.
(٢) في المصدر : الم يبلغنى.
(٣) في السيرة : ان كانت لك حاجة بمتاع مما يرفق.