ذاتي خارجاً عن جميع الاشياء فأرى في ذاتي من الحسن والبهاء ما ابقى له متعجبا مبهوتا فاعلم اني جزء من اجزاء العالم الاعلى الشريف ، وعن الوصية الذهبية لفيثاغورس (١) اوديوجانس (٢) اذا فارقت هذا البدن اصبحت سابحا في عوالم الفلك غير عائد الى الانسانية ولا قابلا للموت وقال آخر : من قدر على خلع جسده صعد الى الفلك وجوزي هناك باحسن الجزاء ، والصعود الى الفلك انما هو بذلك الجسم الاثيري بحكم التناسب فكما أنّ الجسم العنصري أخلد الى الارض لانه منها ويعود اليها فكذلك الجسم يرقى الى الاجسام الفلكية الاثيريّة لانّه منها ويعود اليها لا غرابة لو قال بعض العرفاء : ربّما تجردت من بدني هذا وارتقيت الى الافلاك وسمعت تسبيح الملائكة ، وكل هذه الاحوال انّما هي لهذا البدن الاثيري المثالي لا للعنصري ولا للروح فانها ترقى الى عالم المجردات المحضة بعد كمالها لا الى الاجسام الفلكية والعوالم الاثيريّة. وعلى كلّ فيغنيك الوجدان عن البرهان في اثبات تلك الابدان ـ الابدان المثالية التي هي أنت وأنت هي وبقاؤك به لا بهذا الجسد العنصري الذي قد عرفت أنّه في كلّ برهة يتلاشى ولا يبقى منه شيء ثم يتجدد وتتعاقب في تقويمه الصّور صورة بعد صورة وهيئة عبد هيئة وهو الذي يستعمل الحواس ويستخدمها وتملى عليه الروح المعارف والامور العامّة فيمليها على القلب واللسان.
أنظر اذا كنت تحفظ سورة من القرآن أو خطبة من الخطب أو قصيدة من الشعر
__________________
(١) فيثاغورس : فيلسوف يوناني كان في القرن السادس قبل الميلاد ، لم يعرف عن حياته الا القليل ، وتعاليمه التي نقلت الينا موضع شك ولكن مما لاشك فيه انه كان يقول بتناسخ الارواح وينسب اليه القول بان نهاية الاشياء كلها العدد. انظر كتاب مبادى الفلسفة ٢٦٣ ـ ٢٦٤ ط ٤ قاهرة.
(٢) ديوجانس : ( ديوژن ) الكلبي من مشاهير الحكماء في المأة الرابعة قبل الميلاد. وسمى بهذا الاسم خمسة من حكماء يونان. انظر كتاب ( مطرح الانظار في تراجم اطباء الاعصار وفلاسفة الامصار ) لفيلسوف الدولة ميرزه عبدالحسين خان التبريزى رحمهالله ، ج ١ ، ص ٣٧٣ ـ ٣٧٥ ط تبريز سنة ( ١٣٣٤ ه ).