فربّما تلوتها في نفسك وقرأتها في خاطرك فتجد كأنّ شخصاً في طويتك يتلوها عيك كلمة كلمة وأنت سامد ساكن لم تفتح فماً ولم تحرك لساناً وطالماً كنت أمسك القلم بأنا ملى فأجد كأن انساناً أو ملاكاً يملى على الخطبة أو الشعر أو المقال ويجرى مع القلم من دون فكرة ولا روية كأنى أنقله من كتاب امامي وليس شيء من هذه الاعمال من وظائف الروح والنفس وانّما وظائفها العلم والادراك ومعرفة الكليّات المجردة والامور العامة مثل أن الكثرة هي الوحدة والوحدة هي الكثرة وانّ العلة تعالى المعلول والمعلول تنازل العلة وانّ الغاية هي الرجوع الى البداية والبداية هي النهاية وأمثال هذه من قواعد الحدوث والقدم والوجوب والامكان والجواهر والاعراض كما انّها أيضاً ليست من وظائف الجسد المادّي الحي فانّ وظيفته ادراك الجزئيات وثورة العواطف من تأثير الحسّ الظاهري أو الباطني نعم بحكم الوحدة والاتصال بين تلك القوى يستمدّ بعضها من بعض ويتقوّى بعضها ببعض وحكم العالم الصغير مثل العالم الكبير فكما أنّ الجسمانيات العنصريّة مرتبطة بالفلكيات وهي مرتبطة بالمجردات ، والنفوس الجزئية تستمد من النفوس الكلية ، وهي تستمد من العقول المجردة ، فكذلك هذا الجسد الانساني الذي انطوى فيه العالم الاكبر ، ولا تعدّ قواه ولا تحصر.